فضاقت بي الأرض الفضاء برحبها
ولم أستطع نيل السماء بسلم
فألممت بالدار التي أنا كاتب
عليها بشعري فاقرأ إن شئت والمم
وسلم لأمر الله في كل حالة
فليس أخو الإسلام من لم يسلم
قال ذو النون: فعلمت أنه علوي قد هرب؛ وذلك في خلافة هارون، ووقع إلى ما هناك، فسألت من ثم من سكان هذه الدار وكانوا من بقايا القبطية الأول: هل تعرفون من كتب هذا الكتاب؟ قالوا: لا والله ما عرفناه إلا يوما واحدا، فإنه نزل بنا فأنزلناه، فلما كان صبيحة ليلته غدا فكتب هذا الكتاب ومضى، قلت: أي رجل كان؟ قالوا: رجل عليه أطمار رثة (1) تعلوه هيبة وجلالة وبين عينيه نور شديد لم يزل ليلته قائما وراكعا وساجدا إلى أن انبلج له الفجر فكتب وانصرف (2) .
قال حدثني علي بن السري قال: حدثني عمي، قال: حدثني إبراهيم بن أبي سمال وسمعته يحدث به جماعة من أهل الكوفة في مسجد السهلة فيهم جعفر بن بشير البجلي؛ ومحمد بن سنان الزهري وغيرهم قال: كنت أسير بين الغابة ودومة الجندل مرجعنا من الشام في ليلة مسدفة (3) بين جبال ورمال فسمعت هاتفا من بعض تلك الجبال وهو يقول:
ناد من طيبة مثواه وفي طيبة حلا
أحمد المبعوث بالحق عليه الله صلى
وعلى التالي له في الفضل والمخصوص فضلا
وعلى سبطيهما المسموم والمقتول قتلا
صفحة ٥٤