عاما كاملا؛ فلما ظن أنه قد استعد لذلك وقد كان بعث رواده فأعلموه أن موانع دونها، فكتب عبد الملك بن مروان إلى موسى بن نصير يأمره بالاستعداد والاستخلاف على عمله؛ فاستعد وخرج فرآها وذكر أحوالها فلما رجع كتب إلى عبد الملك بحالها وقال في آخر الكتاب: فلما مضت الأيام وفنيت الأزواد سرنا نحو بحيرة ذات شجر، وسرت مع سور المدينة فصرت إلى مكان من السور فيه كتاب بالعربية؛ فوقفت على قرائته وأمرت بانتساخه فإذا هو شعر:
ليعلم المرء ذو العز المنيع ومن
يرجو الخلود وما حي بمخلود
لو أن خلقا ينال الخلد في مهل
لنال ذاك سليمان بن داود
سالت له القطر عين القطر فائضة
بالقطر منه عطاء غير مصدود
فقال للجن ابنوا لي به أثرا
يبقى إلى الحشر لا يبلى ولا يؤدي
فصيروه صفاحا ثم هيل له
إلى السماء بإحكام وتجويد
وأفرغ القطر فوق السور منصلتا
فصار أصلب من صماء صيخود (1)
وبث فيه كنوز الأرض قاطبة
وسوف يظهر يوما غير محدود
وصار في قعر بطن الأرض مضطجعا
مصمدا بطوابيق الجلاميد (2)
لم يبق من بعده للملك سابقة
حتى يضمن رمسا غير أخدود
هذا ليعلم أن الملك منقطع
إلا من الله ذي النعماء والجود
حتى إذا ولدت عدنان صاحبها
من هاشم كان منها خير مولود
وخصه الله بالآيات منبعثا
إلى الخليقة منها البيض والسود
صفحة ٤٤