ومنهم: من لا يستعمل قول حدثنا إلاَّ فيما يسمعه من لفظ الشيخ، وأخبرنا فيما يقرؤه هو عليه أو يسمعه بقراءة غيره، وهو الأشهر الأكثر (١).
فجَرَيْتُ على مذهبهم في هذا (٢)، لكن لم أَرَ بُدًّا من بيانه احتياطًا، فإن وافق مسموعه (٣)، وهو الظاهر في الباب فقد حصل الغرض على الصواب، وإن لم يوافق -وهو بعيد- فقد أجاز له أن يروي عنه ما صحّ أنه تأليفه (٤) وحديثه، وهذا من تأليفه (٥) وحديثه بغير رَيْبٍ، إذ قابلناه بنسخ مكتوبة عنه مقابلة بكتابه مقروءة على أعيان أصحابه، فوافق والحمد لله على آلائه ونعمائه.
[التعريف بابن عبد البر]:
وأبو عمر، فلا بد أيضًا من التعريف به، والتنبيه على موضعه ومكانه ومحله من العلم، وكبير شأنه.
ذكره أبو محمد بن حزم الظاهري في رسالته في فضل الأندلس وعلمائها وما صُنِّفَ بها من كتاب، فأثنى عليه وعلى تواليفه، وقال: "كتاب
_________
= ﴿لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ﴾ فتبّين من قوله تعالى أن الحديث والخبر والنبأ = واحد"، وقال ابن الصلاح في معرفة أنواع علم الحديث، ص ٣١٦ متعقبًا على القائلين بعدم التفرقة بين ألفاظ الإِجازة والسماع: "في هذا نظر، وينبغي فيما شاع استعماله من هذه الألفاظ مخصوصًا بما سمع من غير لفظ الشيخ ألا يطلق فيما سمع من لفظ الشيخ لما فيه من الإِيهام والإِلباس، والله أعلم".
(١) ذكر ابن الصلاح أن تخصيص أخبرنا بما قرئ على الشيخ مما شاع عند المتأخرين. (معرفة أنواع علم الحديث، ص ٣١٧).
(٢) في م: مذاهبهم في هذا الفن.
(٣) في م: مسموعاته.
(٤) في م: من تواليفه.
(٥) في م. تواليفه.
1 / 40