فيسأله إفرادهما [عند حضورهما] (١) في مجلسه بالسماع، فيجيبه: "إن العلم لا يحل منعه"، حتى سمعاه مع عامة الناس عليه، بعد أن مشيا إليه (٢).
ويسأله في حَمْلِ الأمّة كافة على كتابه فيمتنع ويقول: "قد تفرّق أصحاب رسول الله ﷺ في البلاد، وأنا جمعت من حديث أهل المدينة ما جمعت، [ما] (٣) كان لله فسيبدو" (٤).
فَبَدا كما قال، وظهر وانبثّ في مدن الإِسلام، وانتشر بحسن نيته وبركته، وتركِهِ زخارف الدنيا رغبةً في آخرته، فَرَضِيَ الله عنه وأرضاه، وجزاه عن المسلمين خيرًا بما ألّفه وأملاه.
ولي فيه وفي كتابه الذي إن شاء الله أُمْلِيهِ مقطّعات، فَمِمَّا قلته فيه قديمًا:
إِمَامُ الْوَرَى في الشَّرْعِ بالشَّرْقِ مَالِكٌ ... بِالْغَرْبِ أَيْضًا في جَمِيعِ الْمَمَالِكِ
فمَنْ يَكُ سُنَيًّا وللشَّرْعِ تَابِعًا ... ولِلْعِلْمِ طَلاَّبًا عليه بِمَالِكِ (٥)
_________
(١) ساقطة من م.
(٢) نقلت قصة مالك هذه مع المهدي بألفاظ مختلفة، ففي بعضها قال مالك: "يا أمير المؤمنين!! العلم أهل أن يوقر ويؤتى"، وفي رواية أخرى قال مالك: "أنشدك الله يا أمير المؤمنين أن تكون أوّل من أجرى على يديك ذل العلم، قال: وما ذاك، قال: أدركت أهل العلم يؤتون ولا يأتون"، وورد في بعض الروايات التصريح باسم ولد المهدي وهما موسى وهارون. (راجع في هذا: ترتيب المدارك ٢/ ٢٠ - ٢٤، والسير ٨/ ٦٣).
(٣) في م: وما.
(٤) روى هذا الخبر عن مالك بألفاظ متعددة يطول الكلام بشرحها. (راجع: الانتقاء لابن عبد البر ص ٤١،٤٠ وترتيب المدارك ٢/ ٧٠ - ٧٣).
(٥) من البحر الطويل، ونقل القاضي عياض من السِّلَفي أبياتًا أخرى في مدح الموطأ والإشادة به، وذلك في كتابه ترتيب المدارك (٢/ ٧٨)، وهي كالتالي:
أعم الكتب نفعًا للفقيه ... موطأ مالك لاشكّ فيه =
1 / 32