المقابسات
محقق
حسن السندوبي
الناشر
دار سعاد الصباح
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٩٩٢ م
المقابسة الواحدة والخمسون
في أن تقرير لسان الجاحد أشد من تعريف قلب الجاهل
قلت لأبي سليمان: لم قيل لسان الجاحد أشد من تعريف قلب الجاهل؟
فقال: لأن تعريفك يوصل إلى قلبه مرادك من غير أن يقدر على محاجزتك بالمنع والامتناع، وذلك أنه لا حجاب على قلبه ولا حاجز دون عقله، وليس هكذا تقريرك للسانه، لأنه ينكر به ما يعرف بقلبه، ويميل إلى البهت، شرادًا على الحق، وذهابًا مع العنت، واللسان يطاوعه على السكوت، والقلب لا يطاوعه على الجحود.
قيل له: قد يكون دون القلب أيضًا كن الجهالة، وغطاء الغباوة وضباب البلادة، فلا يكون تعريفك موصلًا إليه مرادك.
فقال: متى كان الأمر على هذا لا يكون قلبه جاحدًا، إنما يكون بما يرد عليه جاهلًا، وإنما استقام الكلام الأول على قلب عرف فعرف، فكان التعريف أسهل على القلب من الإقرار على اللسان، واستشهد فكذب، فكانت ذات برهان واضح، فمن المحال أن يقال بعد هذا: قد يكون دون القلب مانع، كما يكون دون اللسان مانع، لأن ما حددنا به المسألة قد فصل الحال، وبين المراد.
1 / 231