(بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين) الحمد لله رب العالمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. قال أبو علي محمد بن همام بن سهيل (رحمه الله):
الحمد لله الذي عرفنا نفسه بفضله، وعرضنا لجزيل ثوابه بحكمته، وأزاح عللنا (1) فيما [كلفنا] (2) بعدله، وأنقذنا من الضلالة والعمى بمحمد نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم).
أما بعد، فإني قد رأيت المتقدمين والمتأخرين من شيوخنا قد عملوا في كل فن من علوم سادتنا (عليهم السلام) كتبا، وإني رأيتهم مع ذلك أغفلوا أن يجردوا تاريخا يذكر فيه مبلغ سني الأئمة الصادقين (عليهم السلام) وأنسابهم وكناهم وأعمارهم وأسماء آبائهم الطاهرين وأمهاتهم [الطاهرات] (3) وألقابهم و
صفحة ٣٧
أبوابهم ومواضع قبورهم ومن استشهد منهم أو قتل، ومن كان من الملوك في أيامهم، فعلقت فيه تاريخا ملت [فيه] إلى الاختصار، وترجمته بكتاب الأنوار، وأضفت إلى ذلك عدة ولد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وآله وأولاده و(...) (1)
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وذكرت أسماءهم وكناهم وأعمارهم وبعض قصصهم.
وفقنا الله لما يقرب منه ويزلف لديه؛ إنه سميع الدعاء فعال لما يشاء.
[الباب الاول: رسول الله (صلى الله عليه وآله)]
أخبرني أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمي، عن عبد الرحمن، عن عبد الله بن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)، عن آبائه (صلوات الله عليهم) قال: ومضى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو ابن ثلاث وستين سنة في سنة عشر من الهجرة؛ (2) وكان مقيما (3) بمكة أربعين سنة، ثم هبط عليه الوحي في تمام الأربعين، وكان بمكة ثلاث عشرة سنة، ثم هاجر إلى المدينة وهو ابن ثلاث وخمسين سنة، فأقام بالمدينة عشر سنين، وقبض في شهر ربيع الأول يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت منه (4).
صفحة ٣٨
ويكنى بأبي (1) القاسم (صلى الله عليه وآله وسلم)؛ وأمه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة (2)؛ وقبره المشهور بالمدينة. وهو محمد رسول الله، وحبيب الله ، وخاتم النبيين، وسيد المرسلين، والمصطفى والأمي (3)(4)(صلى الله عليه وآله)
صفحة ٣٩
ذكر ولد رسول الله (صلى الله عليه وآله)
روى أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد البرقي، عن عبد الرحمن بن محمد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي بصير عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) قال: ولد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من خديجة (عليها السلام) من الذكور: عبد الله، وهو أول مولد ولد له، مات رضيعا. والطيب والطاهر، وماتا صغيرين. والقاسم وبه يكنى، وعاش حتى مشى، وولد خديجة من البنات: زينب وهي أكبر ولده، ثم رقية، ثم أم كلثوم (1)، ثم فاطمة (عليها السلام) وهي
صفحة ٤١
أصغرهن (1).
وبابه (صلى الله عليه وآله) علي بن أبي طالب (عليهما السلام) (2).
صفحة ٤٢
وولد له [(صلى الله عليه وآله)] من مارية القبطية إبراهيم، ولد بالمدينة بعد ثمان سنين من مقدم رسول الله (صلى الله عليه وآله) المدينة، وعاش اثنين وعشرين شهرا وثمانية أيام (1)؛ وأم إبراهيم أهداها إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ملك الاسكندرية، وتوفيت بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) بخمس سنين (2).
صفحة ٤٣
فأما زينب بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) (1) فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) زوجها من أبي العاص بن ربيع (2) بن عبد شمس (3)؛ فلما هاجر رسول الله (صلى الله عليه وآله) هاجر [ت] معه إلى المدينة (4). وأنشأ أبو العاص يقول:
ذكرت زينب لما جاوزت وركت إرما
فقلت سقيا لشخص يسكن الحرما
بنت الأمين- جزاها الله- صالحة
وكل بعل سيثني بالذي علما (5)
وألحق برسول الله (صلى الله عليه وآله) وحسن [بما علم] (6) اسلامه فردها عليه.
ذكرت زينب لما جاوزت إرما
فقلت سقيا لفي يسكن
بنت نبي جزاها الله صالحة
عني وكل امرتين الحرما
صفحة ٤٤
ويقال (1): إنه أسر يوم بدر فمن عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأطلقه فأسلم وحسن إسلامه.
وولد [ت] له أمامة بنت أبي العاص؛ فتزوجها أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد وفاة سيدة النساء فاطمة (عليها السلام)، بوصيتها إياه بذلك قبل موته. فأمير المؤمنين زوج ابنتي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتوفيت زينب بعد مقدم رسول الله (صلى الله عليه وآله) المدينة بتسع سنين وشهرين وأيام (2).
أم كلثوم ورقية ابنتا رسول الله (صلى الله عليه وآله)؛ فأما أم كلثوم فاسمها آمنة، وزوجها رسول الله (صلى الله عليه وآله) من عثمان بن عفان، فلما سار رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى بدر فزوجه رسول الله (صلى الله عليه وآله) رقية، وتوفيت بعد مقدمه المدينة بسنة وعشرة أشهر وعشرين يوما ولم يدخل بها (3).
فجاءت يوما تشكو عثمان، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما أحيى (4) المرأة أن تكثر الشكاية لبعلها، (5) انصرفي إلى منزلك. وأم (6) كلاما قاله النبي (صلى الله عليه وآله) (7)
صفحة ٤٥
[الباب الثاني:] فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)
فأما فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فحدث هؤلاء الرواة عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام) أن فاطمة (عليها السلام) ولدت بعد ما أظهر الله نبوة نبيه (صلى الله عليه وآله) وأنزل عليه الوحي بخمس سنين، وقريش تبني البيت (1).
وزوجها رسول الله (صلى الله عليه وآله) من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) بعد مقدمه المدينة بنحو من سنة، وبنى بها بعد سنة؛ وكان مولدها (عليها السلام) بمكة بعد مبعث النبي بخمس سنين (2).
صفحة ٤٧
وكانت تكنى أم أبيها، وهي فاطمة الزهراء، والبتول، والحصان، والحوراء، والسيدة، والصديقة، ومريم الكبرى، وأم الأئمة، وأم الحسن، وأم الحسين (1).
صفحة ٤٨
وتوفيت (عليها السلام) ولها ثماني عشرة سنة وخمسة وسبعون يوما (1).
فدفنها بالبقيع ليلا، وعفي قبرها ولم يحضرها غير أمير المؤمنين والحسن والحسين والعباس بن عبد المطلب (عليهم السلام)؛ ويقال: [دفنت] الى
صفحة ٤٩
جانب صدر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخبر البقيع أصح وأثبت (1).
فلما أصبح الناس قال بعضهم لبعض: يا قوم، تموت فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولا نحضرها؟! فخرج الناس إلى البقيع يطلبون قبرها، وأظهر الله في
صفحة ٥٠
الموضع سبعين قبرا، لم يدروا قبرها من القبور، فرجعوا (1).
فأقامت بمكة ثماني سنين، وبالمدينة عشر سنين، وبعد وفاة أبيها [(صلى الله عليه وآله)] خمسة وسبعين يوما (2). كذلك رووه (3).
وروي يونس وأصحابه أنها- (سلام الله عليها)- ولدت الحسن (عليه السلام) بالمدينة ولها إحدى عشر سنة وأشهر، بعد الهجرة بثلاث سنين وأشهر (4).
وولدت أم كلثوم، وسمتها و(5) زينب الكبرى، (6) وأسقطت محسنا (عليهم السلام) (7)؛
صفحة ٥١
ويقال: لم يولد مولود لستة أشهر، غير عيسى بن مريم والحسين (عليه السلام) (1).
[الباب الثالث:] أمير المؤمنين (عليه السلام)
ولما قبض الله نبيه (صلى الله عليه وآله) إلى كرامته، صار أمين الله في أرضه وولي أمره أخوه علي بن أبي طالب (عليه السلام)، بوصية رسول الله (صلى الله عليه وآله) (2).
واسمه المرتضى، [و] سيد الوصيين، وقائد الغر المحجلين، وأمير المؤمنين، والصديق الأكبر، والفاروق الأعظم، وقسيم النار، والوصي، وقاضي الدين، [و] بحر العداة (3)، وهو حيدرة، وصاحب اللواء وأبو تراب، والذائد عن الحوض، والأنزع، والبطين، والكاشف الكرب، ويعسوب (4) الدين، وباب الحطة، وباب المقام، وحجة الخصام، ودابة
صفحة ٥٢
الأرض، وصاحب العصاء، وسيد النجباء (1)، والمنهج الواضح، ونقد السبيل، والمحجة البيضاء، والوفي، والحسنة، والمثل، والكفاية، والمنفق، والمشتري نفسه، والمنهي، والصهر، والثلة، وخير البرية، وصالح المؤمنين، وحجة الله، ووجه الله، والذكر، والزلفة (2)، والنعمة، والهادي، والأذان، والمؤذن، والإعزاز، والجوار، والأنيس، والشاهد، والمنادي، والصادق، والصديق، والعالم، والشهيد، والوالد، والمؤمن، والعابد، والحامد، والسائح (3)، والراكع، والساجد، والآمر بالمعروف، والناهي عن المنكر، والحافظ لحدود الله، والأعز، والتقي، والودود، والناصر لدين الله، والشاهد لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، والمولى، والبشرى، والشافع، والنفيس (4)، والصراط المستقيم، والشديد، والنور، والحبل، والثواب، والمهدي، والسابق، والنعمة، والإمام، والقائد، والطريق المستقيم (5)؛
صفحة ٥٣
قال أبو علي محمد بن همام رحمة الله عليه: ولأمير المؤمنين (صلوات الله عليه) أسماء كثيرة ولو لا خشيتي إطالة الكتاب لذكرتها اسما اسما وتفسيره أنا أذكر في المناقب.
وولد أمير المؤمنين (عليه السلام) بمكة بعد عام الفيل بسبعة وعشرين سنة (1).
وبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولأمير المؤمنين ثلاث عشرة سنة، ويقال: تسع سنين، ويقال: ثمان سنين، والله أعلم (2). وتصديق ذلك أن النبي (صلى الله عليه وآله) بعث وأمير المؤمنين دون عشر سنين، قول السيد الحميري (رحمه الله) في القصيدة:
صفحة ٥٥
وصدق ما قال النبي محمد
وكان غلاما [لم] يبلغ الحلم (1)
واسم أبيه عبد مناف، ويكنى أبا طالب (2).
وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، أسلمت وهي أول هاشمية ولدت هاشميا، وتوفيت (عليها السلام) بالمدينة، فكفنها رسول الله (صلى الله عليه وآله)
وصدق ما قال النبي (عليه السلام) محمد
وكان غلاما حين لم يبلغ العشرا
صفحة ٥٦
وصلى عليها وكبر عليها أربعين تكبيرة. فقيل: يا رسول الله، كبرت عليها ما لم تكبر لأحد. فقال: «حضرني أربعون صفا من الملائكة، فكبرت لكل صف تكبيرة». وألحدها بيده في قبرها، وقال: هذه أمي بعد أمي (1).
وكان (عليه السلام) في سني أيام أبي بكر سنتين وثلاثة أشهر وأياما، وفي أيام عمر عشر سنين وثمانية أشهر، وفي أيام عثمان اثنتي عشرة سنة، ثم كانت البيعة. وجاهد (عليه السلام) بعد ذلك خمس سنين مع معاوية وغيره، وشهر فيها أمير المؤمنين (عليه السلام) سيفه، وجاهد عدوه.
واستشهد في شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة؛ قتله عبد الرحمن بن ملجم- لعنه الله- بالكوفة في مسجدها، ودفن بالغري في ظهر الكوفة وقد كمل عمره خمسا وستين سنة. كذلك روى ابن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير عن جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) أنه قال: قتل أمير المؤمنين وله خمس وستون سنة. (2)
صفحة ٥٧
وبابه (عليه السلام) سلمان الفارسي (1).
ذكر ولد أمير المؤمنين علي (عليه السلام)
حدث هؤلاء الرواة قالوا: ولد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) من فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الحسن والحسين (عليهما السلام)، ومحسن سقط، وزينب وأم كلثوم (عليهما السلام) (2).
والعباس وجعفر وعثمان [وعبد الله] من أم البنين بنت [حزام بن] خالد بن يزيد [ربيعة] الكلابية.
صفحة ٥٨
وكان له عمر ورقية من أم حبيب التغلبية من سبي خالد بن وليد.
وكان له يحيى وعون من أسماء بنت عميس الخثعمية.
وكان له أبو بكر وعبيد الله وأمهما الهملاء بنت مسروق. (1)
وكان له زينب الصغرى وأم كلثوم الصغرى لأم ولد.
وكان له أم خديجة وأم هانئ وتميمة وميمونة وفاطمة لأم ولد.
وكان له أم الحسن ورملة وأمهما أم شعيب المخزومية (2)(3)؛ وفي رواية أخرى: إن جعفرا وعمر وعباس لأمهات الأولاد.
وأعقب لأمير المؤمنين (عليه السلام) من الحسن والحسين (عليهما السلام) ومن محمد بن الحنفية ومن العباس ومن عمر. (4)
ومضى أمير المؤمنين (عليه السلام) [وله] أربع حرائر؛ منهن: أمامة بنت زينب بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وليلى التميمية، وأسماء بنت عميس الخثعمية، وأم البنين الكلابية، وثماني عشرة أم ولد. (5)
صفحة ٥٩