161
وما كانَ جارٌ للفرزدقِ مسلمٌ ... ليأمنَ قردًا ليلهُ غيرُ نائمِ
يوصّلُ حبليهِ إذا جنَّ ليلُهُ ... ليرقَى إلى جاراتِه بالسَّلالِمِ
أتيتَ حدودَ اللهِ مذْ كنتَ يافعًا ... وشبتَ فما ينهاكَ شيبُ اللهازمِ
تتبَّعُ في الماخورِ كلَّ مريبَةٍ ... ولستَ بأهلِ المحصناتِ الكرائمِ
رأيتكَ لا توفِي لجارٍ أجرتَهُ ... ولا مستعفٌّ عن لئامِ المطاعمِ
هوَ الرّجسُ يا أهلَ المدينةٍ فاحذرُوا ... مداخلَ رجسٍ بالخبيثاتِ عالمِ
لقدْ كانَ إخراجُ الفرزدَقِ عنكمُ ... طهورًا لما بينَ المصلَّى وواقمِ
أتمدَحُ يا ابنَ القينِ سعدًا وقدْ جرتْ ... لجعثنَ فيهمْ طيرُها بالأشائمِ
وتمدَحْ يا ابنَ القينِ سعدًا وقدْ ترَى ... أديمكَ فيهمْ واهيًا غيرَ سالمِ
تبرِّئهُمُ من عقرِ جعثنَ بعدَما ... أتتكَ بمسلُوخِ البظارَةِ وارِمِ
تنادِي بنصفِ اللّيلِ يآلَ مجاشعٍ ... وقدْ جلدَ استِها بالعجارِمِ
فإنَّ مجرَّ الجعثنَ ابنةِ غالبٍ ... وكيريْ جبيرٍ كانَ ضربةَ لازمِ
تلاقِي بناتِ القينِ من خبثِ مائهِ ... ومنْ وهجانِ الكِيرِ سودَ المعاصمِ
وإنَّكَ يا ابنَ القينِ لستَ بنافِخِ ... بكيرِكَ إلا قاعدًا غيرَ قائمِ
فما وجدَ الجيرانُ حبلَ مجاشعٍ ... وفيًّا ولا ذا مرَّةٍ في العزائمِ
ولامتْ قريشٌ في الزّبيرِ مجاشعًا ... ولم يعذرُوا من كان أهلَ الملاومِ
وقالتْ قريشٌ ليتَ جارَ مجاشعٍ ... أتى شبثًا أو كانَ جارَ ابن خازمِ
ولو حبلُ تيمِيٍّ تناولَ جاركُمْ ... لما كان عارًا ذكرهُ في المواسمِ
فغيركَ أدَّى للخليفةِ حقَّهُ ... وغيركَ جلَّى عنْ وجوهِ الأهاتمِ
وإنَّ وكيعًا حينَ خارتْ مجاشعٌ ... كفَى شعبَ صدعِ الفتنةِ المتفاقمِ
لقدْ كنتَ فيها يا فرزدقُ تابعًا ... وريشُ الذُّنابّي تابعٌ للقوادِم
ندافعُ عنكمُ كلَّ يومٍ عظيمةٍ ... وأنتَ قراحيٌّ بسيفِ الكواظمِ
أجبنًا وفخرًا يا بني زبد استُها ... ونحنُ نشبُّ الحربَ شيبَ المقادمِ
أباهلَ ما أحببتُ قتلَ ابن مسلمٍ ... ولا أن تروعوا قومكُمْ بالمظالمِ
أباهلَ قدْ أوفيتُمُ من دمائكمْ ... إذا ما قتلتُمْ رهطَ قيسِ بنْ عاصمِ
تحضّضُ يا ابنَ قيسًا ليجعلوا ... لقومكَ يومًا مثلَ يومِ الأراقمِ
إذا ركبتْ قيسٌ خيولًا مغيرةً ... على القينِ يقرَعْ سنَّ خزيانَ نادِمِ
وقبلكَ ما أخزَى الأخيطلُ قومَهُ ... وأسلمهُمْ في المأزقِ المتلاحمِ
رويدكمُ مسحَ الصّليبِ إذا دنا ... هلالُ الجزا واستعجلُوا بالدَّراهمِ
وما زالَ في قيسٍ فوارسُ مصدقٍ ... حماةٌ وحمّالونَ ثقلَ المغارمِ
وقيسٌ همُ الكهفُ الّذي نستعدُّهُ ... لفضلِ المساعِي وابتناءِ المكارمِ
إذا حدبتْ قيسٌ عليَّ وخندفٌ ... أخذتُ بفضلِ الأكثرين الأكارمِ
فإنْ شئتَ من قيسٍ ذرَى متمَنِّعٍ ... وإنْ شئتَ طودًا خندفيَّ المخارِمِ
ألمْ ترنِي أردِي بأكنافِ خندفٍ ... وأكنافِ قيسٍ نعمَ كهفُ المراجمِ
وقيسٌ همُ الكهفُ الّذي نستعدُّهُ ... لدفعِ الأعادي أو لحملِ العظائمِ
بنو المجدِ قيسٌ والعواتكُ منهمُ ... ولدنَ بحورًا للبحُورِ الخضارمِ
لقدْ حدبتْ قيسٌ وأفناءُ خندفٍ ... على مرهبٍ حامِي ذمارَ المحارمِ
فما زادنِي بعدُ المدَى نقضَ مرَّةٍ ... ولا رقَّ عظمِي للفؤوسِ العواجمِ
ترانِي إذا ما النّاسُ عدُّوا قديمهمْ ... وفضلَ المساعِي مسفرًا غيرَ واجمِ
بأيّامِ قومٍ ما لقومكَ مثلَها ... بها سهّلوا عنّي خبارَ الجراثمِ
إذا ألجمتْ قيسٌ عناجيجَ كالقَنا ... مججنَ دمًا منْ طولِ علكِ الشَّكائمِ
سبوا نسوةَ النّعمانِ وابنيْ محرِّقٍ ... وعمرانَ قادُوا عنوةً بالخزائمِ
وهمْ أنزلُوا الجونينِ في حومةِ الوغَى ... ولم يمنَعِ الجونينِ عقدُ التّمائم
كأنَّكَ لم تشهدْ لقيطًا وحاجبًا ... وعمرو بن عمرو إذ دعوا يا آل دارمِ

1 / 161