المنصف لابن جني، شرح كتاب التصريف لأبي عثمان المازني
الناشر
دار إحياء التراث القديم
رقم الإصدار
الأولى في ذي الحجة سنة ١٣٧٣هـ
سنة النشر
أغسطس سنة ١٩٥٤م
أن تكون النون في "جُنْدَب" زائدة؛ لأنه ليس في الكلام مثل "جُعْفَر". فهذا على مذهب سيبويه؛ لأنه ليس عنده أن في الأصول مثال "فُعْلَل". فأما أبو الحسن، فقال أبو علي: إن قياس قوله أن تكون النون في "جندب" وبابه من الأصل حتى تقوم دلالة على زيادتها؛ لأنه قد حكي عنهم: "جُخْدَب" بفتح الدال، وقد ذكرت هذا فيما مضى من الكتاب.
قال: ولا حجة له في قولهم: "جُؤْذَر"؛ لأنه أعجمي، فإن كان الجندب من الجدب -لأنه مما يصحبه- فالنون فيه زائدة غير ملحقة على مذهب سيبويه، وهي زائدة ملحقة على مذهب أبي الحسن.
وأما عُنْصَر: فيجوز عندي أن يكون من: عصرتُ الشيء؛ لأن العُنْصُر هو أصل الشيء. وإذا عُصِرَ الشيء فكأنه يرجع إلى أصله وجوهره بما يلحقه من شدة العصر. ومثل هذا قولهم في التهدد بالشر: "والله لأرُدَّنَّكَ إلى أصلك" أو لأن الإنسان١ من عصارة أبيه.
فهذا من طريق الاشتقاق، والقياس أيضا يوجب زيادتها بغير اشتقاق.
وأما قُنْبَر: فيضاف فيه إلى القياس، أنهم قد قالوا فيه: "قُبَّر" والمعنى واحد. قال الراجز:
يا لك من قبرة بمعمر
خلا لك الجوّ فبيضي واصْفِري
وقوله: "فهذا بمنزلة ما اشتققت منه ما تذهب فيه النون".
يقول: إن لم يوجد في الأصول بناء "سَفَرْجُل وجُعْفَر" "فهذا"٢ بمنزلة وجدانك اشتقاق هذا بغير نون.
_________
١ ظ، ش: كأنه.
٢ فهذا: لم يرد في النسخ الثلاث، والمقام يقتضيه فزدناه من عندنا؛ قياسا على قول المتن المشروح.
1 / 138