المنصف لابن جني، شرح كتاب التصريف لأبي عثمان المازني
الناشر
دار إحياء التراث القديم
رقم الإصدار
الأولى في ذي الحجة سنة ١٣٧٣هـ
سنة النشر
أغسطس سنة ١٩٥٤م
"خَضْخاض، وقَمْقام"، ولا تجعل النون زائدة؛ لأنك لو فعلت ذلك للزمك أن تجعل "جنجانا" من باب سَلِسٍ وقَلِقٍ من ذوات الثلاثة، كأنه في التقدير: "جَنْج، وقَنْق" ثم زيدت الألف والنون. وهذا بعيد؛ لأن باب "قلقلت، وصلصلت" أكثر من باب "سَلِسَ، وقلق".
وكذلك لو جاء شيء نحو "رُمّان، ومُرّان" لم تقض بزيادة النون إلا بثبت؛ لأنه يجوز أن تكون النون أصلا، وإن قضيتَ بزيادة نونه بغير ثبت فهو وجه، ألا ترى أن في الحديث: "أن قوما من العرب أتوا رسول الله ﷺ فقال لهم: "من أنتم؟ " فقالوا١: نحن بنو غيان، فقال لهم: "بل أنتم بنو رشدان" "، أفلا تراه ﵇ كيف تكرّه لهم هذا الاسم؛ لأنه جعله من الغي. يدل على ذلك قوله: "بل أنتم بنو رشدان"؛ لأن الرشد ضد الغي.
فقد دل هذا من مذاهب العرب على أنه إذا جاءك مضاعَف في آخره ألف ونون نحو: "رمان، وعدان، وإبان" فسبيلك٢ أن تحكم فيه٣ بزيادة النون.
فأما مران، فحكى سيبويه فيه٤ عن الخليل أن النون فيه من الأصل، وذهب إلى أن اشتقاقه من المَرَانة وهي اللين، فجرى عنده مجرى حُمَّاض من الحموضة.
فما كان من هذا النحو يُحتاج فيه إلى الاشتقاق ولا يقضى عليه٥ بشيء إلا بثبت.
فأما ما كان من باب "سرحان، وسعدان" مما تحصل في صدره ثلاثة أحرف من الأصل، فاحكم بزيادة النون من آخره حتى تقوم دلالة على أنها من الأصل.
_________
١ ظ، ش: قالوا.
٢ ظ، ش: فسبيله.
٣، ٤ فيه: ساقط من ظ، ش في الموضعين.
٥ ظ، ش: عليها.
1 / 134