المنصف لابن جني، شرح كتاب التصريف لأبي عثمان المازني
الناشر
دار إحياء التراث القديم
رقم الإصدار
الأولى في ذي الحجة سنة ١٣٧٣هـ
سنة النشر
أغسطس سنة ١٩٥٤م
قلت له بعد ذلك بزمان: هلا قلت في "متى": إنه في الأصل "مَتَيْ" ثم قلبت ياؤه ألفا كما تقول في "ذا"؟
فقال: "ذا" أشبه الأسماء١ المتمكنة بأنه يوصف، ويوصف به، ولا يجوز ذلك في "متى".
وقال في موضع آخر: إنما أُميلت "متى"؛ لأنها اسم، فدخلها ما يكون أمارة للأسماء وهو الإمالة.
قال: فأما "إذا" فإنما امتنعت من الإمالة وإن كانت اسما لأنها أقعد في شبه الحرف من "متى"؛ لأنها محتاجة إلى الإضافة، مفتقرة إلى ما بعدها.
وأما "مَتَى" فهي في كلا موضعيها -الاستفهام، والشرط- غير مضافة.
فهي أشبه بالأسماء القائمة بأنفسها؛ ولذلك أميلت "بلى" لأنها تقوم بنفسها إذا قال القائل: "أما قام زيد؟ " قال له المجيب: "بلى"، فلما حسُن الوقوف عليها أُميلت، أمارة لمشابهة الاسم فيها.
قال أبو علي: وكذلك قولهم: "افعَلْ كذا وكذا إمَّا لا"، فإمالتهم "لِا" من "إمَّا لا" إنما هو لأن معناه: افعلْ كذا وكذا إن كنت لا تفعل غيره. فلما حذف الفعل وأقيمت "لا" مقامه وأغنت عنه، أميلت لمشابهتها الفعل.
وكذلك كان يقول في قولهم: "يا زيد": إنها٢ إنما أميلت؛ لأنها قامت مقام "أدعو، وأنادي" ولأجل الياء أيضا.
وحكى قطرب عن بعضهم: "لِا أفعل كذا" ممالة. وإنما جاز هذا فيها عندي؛ لأنها قد تكون جوابا فتقوم بنفسها في نحو قولك جوابا: لهل قام زيد؟ "لِا". فلما قامت بنفسها أميلت كما قدمنا، إلا أن إمالة "بلى" أشبه من
_________
١ الأسماء: ساقط من ظ، ش، وكانت كذلك في ص واستدركت في هامشه.
٢ إنها: ساقط من ظ، ش.
1 / 123