المنصف لابن جني، شرح كتاب التصريف لأبي عثمان المازني
الناشر
دار إحياء التراث القديم
رقم الإصدار
الأولى في ذي الحجة سنة ١٣٧٣هـ
سنة النشر
أغسطس سنة ١٩٥٤م
وأقول: إن الأسماء المبنية، والأصوات المحكية، والأسماء الأعجمية، تجري مجرى الحروف في أن الألفات فيها أصول غير منقلبة؛ لأنا إنما قضينا بأنها في الحروف غير منقلبة؛ لأنه لا يعرف لها اشتقاق، فيجب من ذلك أن يكون كل ما كان مما ذكرنا غير مشتق، أن تكون ألفه غير زائدة ولا منقلبة.
فإن قلت: فهلا حملت المبنية والأعجمية على ما عرف اشتقاقه من العربية؛ لأنها أسماء مثلها؟
قيل: أما الأسماء المبنية١ فإنما٢ بُنيت لمشابهتها الحروف نحو: كَمْ، ومَنْ، وأين، ومتى، وأنى، فلما أشبهت الحروف المتضمنة هي معانيها، وكانت مثلها في أنه لا يعرف لها اشتقاق، ولا يوجد لها تصرف، كان حكمها في ذلك حكم الحروف، وكانت الألفات فيها كالألفات فيها، ألا ترى أنك لا تجد لكم، وأين، ومتى، اشتقاقا ولا تصرفا؟ وإذا كان الأمر كذلك لم يكن٣ لأحد أن يقول: إن الألف من "لكن" زائدة، ولا أنه٤ من اللكنة. ولا يجوز لآخر أن يقول أيضا: إن الألف في "متى" منقلبة عن٥ ياء ولا واو، ولا أن الألف في "إياك" منقلبة ولا زائدة.
ويدلك على أن الأسماء المضمرة في حكم الحروف، أنك تجد فيها ما هو على حرف واحد نحو الكاف في "رأيتك" و"مررت بك"، والياء في "مررت بي"، فجرت هذه الأسماء في أنها على حرف واحد مجرى همزة الاستفهام، وواو العطف وفائه، ولو كانت كالأسماء الظاهرة المتمكنة لما جاز أن يأتي شيء
_________
١ المبنية: ساقط من ظ.
٢ ظ، ش: فإنها.
٣ ظ، ش: لم يجز.
٤ ش: أنها.
٥ ظ، ش: من.
1 / 120