المنصف للسارق والمسروق منه
محقق
عمر خليفة بن ادريس
الناشر
جامعة قار يونس
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٩٩٤ م
مكان النشر
بنغازي
وتكرره، وأبو الطيب طلب المعاودة كأنه مبتدئ فما طلب بعد تكرير الممدوح وتردده وفي لفظ بيت أبي تمام جزالة وفي لفظ أبي الطيب عذوبة واختصار يستحق المعنى به هذا إن سلم أبو الطيب معرفة لأبي تمام فقد عرفني من أثق به من أهل الأدب أنه قيل له أنت تأخذ من شعر أبي تمام فقال: قلت الشعر وما أعرف أبا تمام، وهذا الكلام يحتمل الصدق لأنه ذكر أن قال الشعر في الكبر وهو صبي ذو وفرة وذلك قوله:
لا تَحسنُ الوفْرَةُ حتّى تُرَى ... مَنْشُورةَ الضَّفْريْنِ يَوْم القِتالْ
على فَتىً مُعْتقلٍ صَعْدَةً ... يُعلُّها مِنْ كل وَافي السِّبّالِ
فغير منكر أن يحركه طبعه على قول شيء من الشعر وهو لا يعرف الشعراء ثم يعرفهم ويأخذ من معانيهم فما في كلامه براءة مما أتهم به إذا تؤول على هذا التأويل فإن جوز متعصب أن يكون معنى كلامه) قلت الشعر وما أعرف أبا تمام مذ قلته إلى وقتي هذا، قلنا له: إذا تأولته على هذا المعنى كان أول كلام غث العبارة لأنه يخبرنا أنه قال الشعر وهذا ما لا يجهل من أمره ولا يتعلق بقوله: وما أعرف أبا تمام وكان يكفي منه أن يقول: وما أعرف أبا تمام وإنما ينبغي أن يكون هذا جوابًا لسائل لا يعرفه، تقول: أنت تقول الشعر وإذا قلته: أتسرق من أبي تمام، فتقول عندها: قلت الشعر وما أعرف أبا تمام فيصح الكلام لا الدعوى في إنكاره معرفة أبي تمام لأن إفكه في إنكار مثله واضح ودليل بهته لائح لأمرين أحدهما: ما أورده من المعاني الكثيرة التي أخذها من شعره لا يجوز مع تواترها وتوافرها أن يدعى بها اتفاق الخواطر ولا تساوي الضمائر لأن ذلك كما قلناه ينساغ في اليسر ويمتنع في الكثير والآخر أن أبا تمام قد أعطي من اشتهار الاسم في الخاصة مثل ما أعطي من اشتهاره في العامة وهو اشتهار لا يجوز أن
1 / 225