المنقذ من الضلال
الناشر
دار الكتب الحديثة
مكان النشر
مصر
الركعات، ورمي الجمار وعدد أركان الحج، وسائر تعبدات الشرع، لم يجد بينها وبين خواص الأدوية والنجوم فرقًا أصلًا. فإن قال: وقد جربت شيئًا من النجوم وشيئًا من الطب، فوجدت بعضه صادقًا، فانقدح في نفسي تصديقه وسقط من قلبي استبعاده ونفرته، وهذا لم أجربه به، فبم أعلم وجوده وتحقيقه؟ وإن أقررت بإمكانه؟ فأقول: إنك لا تقتصر على تصديق ما جربته بل سمعت أخبار المجربين وقلدتهم، فاسمع أقوال الأنبياء فقد جربوا وشاهدوا الحق في جميع ما ورد به الشرع، واسلك سبيلهم تدرك بالمشاهدة بعض ذلك.
على أني أقول: وإن لم تجربه، فيقضي عقلك بوجوب التصديق والإتباع قطعًا. فإنا لو فرضنا رجلًا بلغ وعقل ولم يجرب المرض، فمرض، وله والد مشفق حاذق بالطب، يسمع دعواه في معرفة الطب منذ عقل، فعجن له والده دواء، فقال: هذا يصلح لمرضك ويشفيك من سقمك. فماذا يقتضيه عقله، وإن كان الدواء مرًا كريه المذاق، أن يتناول أن يكذب؟ ويقول: أنا لا أعقل مناسبة هذا الدواء لتحصيل الشفاء، ولم أجربه! فلا شك أنك تستحمقه إن فعل ذلك!
1 / 203