حقيقة النبوة واضطرار كافة الخلق إليها
اعلم: أن جوهر الإنسان في أصل الفطرة، خلق خاليًا ساذجًا لا خير معه من عوالم الله تعالى، والعوالم كثيرة لا يحصيها إلا الله تعالى، كما قال: " وما يعلم جنودُ ربك إلا هو " وإنما خبره من العوالم بواسطة الإدراك وكل إدراك من الإدراكات خلق ليطلع الإنسان به على عالم من الموجودات، ونعني بالعوالم، أجناس الموجودات.
فأول ما يخلق في الإنسان حاسة اللمس، فيدرك بها أجناسًا من الموجودات: كالحرارة، والبرودة، والرطوبة، واليبوسة، واللين، والخشونة، وغيرها. واللمس قاصر عن الألوان والأصوات قطعًا، بل هلي كالمعدوم في حس اللمس.
ثم تخلق له حاسة البصر، فيدرك بها الألوان والأشكال، وهو أوسع عالم المحسوسات. ثم ينفتح له السمع، فيسمع الأصوات والنغمات، ثم يخلق له الذوق.
1 / 181