الصحبة، حتى يفهم ذلك بقرائن الأحوال يقينًا. ومن جالسهم، استفاد منهم هذا الإيمان فهم القوم لا يشقى جليسهم. ومن لم يرزق صحبتهم فليعلم إمكان ذلك يقينًا بشواهد البرهان، على ما ذكرناه في كتاب عجائب القلب من كتب إحياء علوم الدين. والتحقيق بالبرهان علم، وملابسة عين تلك الحالة ذوق، والقبول من التسامح والتجربة بحسن الظن إيمان.
فهذه ثلاث درجات: " يرفع الله الذين أمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجاتٌ ". ووراء هؤلاء قوم جهال، هم المنكرون لأصل ذلك، المتعجبون من هذا الكلام، ويستمعون ويسخرون، ويقولون: العجب! إنهم كيف يهذون! وفهيم قال الله تعالى: " ومنهم من يسمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفًا أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم فأصمهُم وأعمى أبصارهم ".
ومما بان لي بالضرورة من ممارسة طريقتهم، حقيقة النبوة وخاصيتها ولا بد من التنويه على أصلها لشدة مسيس الحاجة إليها.
1 / 180