مناظرات ابن تيمية مع فقهاء عصره
الناشر
دار الكتاب العملي
سنة النشر
١٤٠٥ هجري
وأما إيجاب ذلك على نفسه، وإمكان معرفة ذلك بالعقل فهذا فيه نزاع، لكن لو قدر أنه عذب من يشاء لم يكن لأحد منعه كما قال تعالى: ﴿قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا﴾(١).
وهو تعالى لو ناقش من ناقشه من خلقه لعذب كما قال عليه السلام ((من نوقش الحساب عُذِّب))(٢) وقال النبي ﷺ: ((لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله(٣)))، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلاّ أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل)).
والتحقيق أن قدر أن الله تعالى عذب أحداً فلا يعذبه إلا بحق لأنه يتعالى عن الظلم.
ابن مطهر : أهل السُّنة يقولون إن النبي ﷺ لم ينص على إمامة أحد، وأنه مات عن غير وصية.
ابن تيمية : هذا ليس في قول جميعهم، بل ذهب من أهل السُّنة جماعة، أن إمامة أبي بكر رضي الله عنه ثبتت بالنص.
قال ابن حامد: الدليل على إثبات خلافة الصديق رضي الله عنه بالنص ما أسنده البخاري عن جبير بن مطعم قال: ((أتت امرأة إلى النبي ﷺ فأمرها
(١) المائدة (١٧/٥).
(٢) الحديث متفق عليه عن عائشة مرفوعاً، وعند الطبراني عن ابن الزبير ((من نوقش الحساب هلك)) وأورده العجلوني في كشف الخفا (٣٩٢/٢) ط. دار التراث بمصر.
قالت السيدة عائشة للنبي ﷺ: إنك دائماً تكثر من الدعاء ((اللهم حاسبني حساباً يسيراً)) فقال عليه الصلاة والسلام: ((إنما ذلك العرض)) وما من عبد يناقش يومئذ إلا هلك)) أو بنحوه.
(٣) وهذا يدعونا على العمل الصالح والمسارعة للمغفرة والتوبة، ودعاء الله سبحانه وتعالى أن يتجاوز عنا وأن يصفح عن مسيئنا.
27