مناظرات ابن تيمية مع فقهاء عصره
الناشر
دار الكتاب العملي
سنة النشر
١٤٠٥ هجري
وأما قولك أن الله نهانا أن ندعو غيره، فهل رأيت من المسلمين أحداً يدعو غير الله؟.
إنما نزلت هذه الآية في المشركين الذين كانوا يدعون آلهتهم من دون الله، إنما يستغيث المسلمون محمداً ﷺ بمعنى التوسل بحقه عند الله، والتشفع بما رزقه الله من شفاعة، أما تحريمك الاستغاثة لأنها ذريعة إلى الشرك، فإنك كمن أفتى بتحريم العنب لأنه ذريعة إلى الخمر، ونخصي الذكور غير المتزوجين سداً للذريعة إلى الزنا. وضحك الشيخان!!!
واستطرد ابن عطاء الله، وأنا أعلم ما في مذهب شيخكم الإمام أحمد من سعة، وما لنظرك الفقهي من إحاطة، وسد الذرائع يتعين على من هو في مثل حذقك، وحدة ذهنك، وعلمك باللغة أن يبحث عن المعاني المكنونة الخفية، وراء ظاهر الكلمات، فالمعنى الصوفي روح، والكلمة جسد، فاستقصى ما وراء الجسد، لتدرك حقيقة الروح.
ثم استطرد ابن عطاء الله يقول: ثم إنك اعتمدت في حكمك على ابن عربي، على نصوص قد دسها عليه خصومه، وأما شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام فإنه لما فهم كتابات الشيخ، وحل رموزها وأسرارها، وأدرك إيحاءاتها استغفر الله عما سلف منه، وأقر بأن محيي الدين بن عربي إمام من أئمة الإسلام.
وأما كلام الشاذلي ضد ابن عربي فليس أبو الحسن الشاذلي هو الذي قاله، بل أحد تلاميذه من الشاذلية، وهو ما قاله في الشيخ ابن عربي، بل قاله في بعض المريدين الذين فهموا كلامه على غير وجهه.
وسأل ابن عطاء الله مرة أخرى: وما رأيك في الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه؟.
أجاب ابن تيمية رضي الله عنه وأرضاه: في الحديث الصحيح أن رسول الله ﷺ قال: ((أنا مدينة العلم وعلي بابها)).
14