وإن لم يكن فيها كيفيتها ففيها جواز كونها.
قال الملحد : وكيف ذلك؟
قال القاسم عليه السلام : هو مثل ما تعرفه في الشاهد ، وذلك لو أن سيدا أمر عبده ببناء دار ، أو قطع شجرة ، أو إعطاء عبد الله ، أو ضرب زيد ، فإنه ليس في العقل أن السيد يأمر به (1)، فإذا أمر به كان في العقل أن الايتمار به حسن ، وأن تركه قبيح ، إذا كانت (2) لأمر سيده عاقبة محمودة ، ومرجع نفع إلى العبد ، فالعقل (3) يجوز الأمر بكل شيء على حياله ، ولا يوجب شيئا من ذلك دون شيء ، إذا كان ذلك الأمر مما ينتقل حاله في العقل ، وذلك أنه قد يكون المشي إلى موضع ما حسنا في العقل ، إذا كان للمشي معنى حسن ، فأما اللواتي يدرك حكمها في العقل ، فقد أدرك بأن (4) الآمر بها لا يأمره إلا بما هو حسن ، ولا ينهى إلا عن ما هو قبيح عنده.
قال الملحد : فحدثني عن الصلاة والصيام وغيرهما من الشرائع ، هل له أصل في العقل (5) تفرع هذا منه؟
قال القاسم عليه السلام : أجل ، قد أخبرتك به آنفا ، وهو كالأمر بالمشي إلى موضع ما ، وكضرب زيد ، وإعطاء عبد الله ، ليس له أصل في العقل (6)، أكثر من الايتمار لأمر الحكيم ، ووجه الحكمة فيه أن الآمر إنما يأمر به لينظر هل يأتمر به المأمور فيجازيه لذلك؟ لا سيما إذا كان الآمر مستغنيا ، غير محتاج إلى ما يأمر به ، وإنما يأمرهم ليمتحنهم ، وليظهر بذلك أعمالهم ، فإن الأمر به حسن ، وعلى ذلك سبيل الشرائع كلها.
قال الملحد : خبرني عن كيفية معجزاتهم.
قال القاسم عليه السلام : هو قلب العادات ، وأن لا يترك العادات جارية على
صفحة ٣١٤