بفعلها كلها حكيما ، إذ كل ذلك حسن في العقل.
فإن قلت : لم فعل الحسن في العقل؟
قيل لك : يفعل الحسن لحسنه ، ولو لم يفعل الحسن في العقل لحسنه ، لكان لا يترك القبيح لقبحه في العقل (1)، وكفى بهذا القول قبحا.
[إرسال الرسل وحكمة التشريع]
قال الملحد : لقد أبلغت وقد بقيت لي مسائل.
قال القاسم عليه السلام : سل.
قال الملحد : ما الدليل على أن الصانع له رسول؟
قال القاسم عليه السلام : الدليل على ذلك أن الصانع حكيم ، محسن إلى خلقه ، وفي العقل أن شكر المنعم واجب ، فلما كان هذا في عقولنا واجبا ، وكان الله حكيما منعما على خلقه ؛ كان من كمال النعمة أن أرسل إليهم الرسل ، مع دلائل اضطرت العقول إليها ، ليبين لهم كيفية شكره ، لأن كيفية (2) شكره ليس مما يعلم بالعقل ، ولا بالنفس ، ولا بالحس ، ولا بالظن ، وإن كان في العقل جوازه. فحينئذ أقام لهم معهم دلائل ومعجزات ، دل بها على صدقهم.
قال الملحد : كأنك تقول : إن شرائع الأنبياء خارجة عن العقول ، إذ قلت : لا يعلم كيفيتها بها (3).
قال القاسم عليه السلام : أما قولك : إن شرائع الرسل خارجة عن العقول إذ ليس فيها كيفيتها. فإني لم أقل لك (4) ليس فيها كيفيتها بتة ، بل اشترطت لك فقلت لك : إنه
صفحة ٣١٣