مجتمعين في حين (1) واحد ، فلا يخلوان في حال اجتماعهما من أمور : إما أن يكونا اجتمعا بأنفسهما ، أو جمعهما غيرهما ، فإن كانا اجتمعا بأنفسهما فمحال (2)، وذلك أنهما ضدان ، والضدان لا يجتمعان بأنفسهما ، لأنا (3) نشاهد نفورهما ، وفرار كل واحد من صاحبه ، فإذ فسد ذلك ، لم يبق إلا أن جامعا جمعهما.
ووجه آخر وهو : أنه لو كان وجود الخير والشر ، دالا على أن لهما أصلين قديمين ، لكان وجود الطبائع الأربع دالا على أن لها أصولا قديمة ، وإذا كان هذا هكذا ، دلنا على أن شاهدهم شاهد زور.
[حكمة خلق العالم]
قال الملحد : فإذا لم يكن العالم واحدا قديما ، ولا كان (4) مزاج الاثنين ، وكان صنعا من صانع قديم ؛ فحدثني. لم خلق الله هذا العالم؟
قال القاسم عليه السلام : إن هذا الكلام فرع من أصل ، فإن سلمت لي الأصل كلمتك فيه ، وإلا نازعتك في الأصل.
قال الملحد : وما ذلك الأصل؟
قال القاسم عليه السلام : هو أن تعلم بالدلائل : أن العالم محدث ، وأن له محدثا ، ثم تعلم: أن محدثه واحد ، قديم ؛ ثم تعلم : أنه قادر ، حي ، حكيم في نفسه ، وفعله.
قال الملحد : قد دللت على الصانع ، وعلى أنه واحد ، فما الدليل على أنه قادر حي حكيم؟
قال القاسم عليه السلام : الدليل على ذلك أنا وجدنا الفعل المتقن المحكم متعذرا
صفحة ٣٠٧