يهتدي أبدا. فليت شعري من هذا (1) الذي يدعونه إلى مذهبهم.
قال الملحد : لعمري لقد ألطفت (2) في الاستخراج على القوم ، ولعمري إن هذا مما يقطع شغبهم ، ولكنهم يقولون : لما كان في العالم خير وشر ، دلنا ذلك على أنهما من أصلين قديمين.
قال القاسم عليه السلام : أما وجود الخير والشر في العالم ، فإنا نجده ؛ إلا أن هذا يدلنا على أن صانع العالم واحد.
والدليل على ذلك : أن الخير والشر ، معتقبان على الخير والشرير ، ووجدناهما محدثين ، وقد قدمنا الكلام في هذا المعنى بما فيه كفاية ، وبينا أن العالم أصله وفرعه محدث ، وأن المحدث يقتضي المحدث ، (فإن كان حكم فاعله كحكمه ، أوجب ذلك حدوث صانع العالم ، ويقتضي المحدث) (3)، فإن كان هذا هكذا ، فلكل صانع صانع ، إلى ما لا نهاية له ، وقد بينا فساده آنفا (4).
ووجه آخر وهو : أن الخير والشر ليس اختلافهما يدل على قدمهما ، ليس اختلافهما بأعظم (5) من اختلاف الصور والهيئات. وقد قلنا : إن اختلافهما يدل على من خالف بينها ، واخترعها (6) مختلفة ، فلو كان الخير والشر وسائر المختلفات قديمة ، لكان فيها دفع الضرورات.
ووجه آخر : ذلك (7) أنا نرى خيرا لمعنى ، وشرا لمعنى آخر ، ونرى الخير والشر
صفحة ٣٠٦