حفلت بغداد منذ أواسط القرن الخامس الهجري بعدد كبير من المدارس والمعاهد المستقلة عن الجوامع، واستمرت في الازدياد إلى سقوط بغداد في يد المغول في سنة (٦٥٦ هـ/ ١٢٥٨ م)، فقد وصلت مدارسها حوالي ٣٨ مدرسة منها ما أنشئ لمذهب واحد، ومنها ما أنشئ لأكثر من مذهب، ومنها للعلوم الأخرى غير علوم الدين.
وكانت بغداد حافلة علاوة على ما ذكر بدور القرآن ودور الحديث وحلقات المساجد وأماكن الدراسة كالمكاتب والكتاتيب والربط والخوانق ومجالس المناظرة ومجالس الإِملاء والندوات الأدبية والتحدث في دور العلم وخزائن الكتب، ولعل أول من أحدث المدارس هو نظام الملك سنة ٤٥٧ هـ، وفي قول أنه قد سبقه المدرسة البنهفية بنيسابور، والمدرسة السعدية بنيت في عهد الأمير نصر بن سبكتكين أخو السلطان محمود وغيرهما (١).
وأشهر ما بني في القديم "المدرسة النظامية" -كما أسلفنا- ببغداد قرر فيها للفقهاء وشرع في بنائها في عام ٤٥٧ هـ وفرغت في عام ٤٥٩ هـ، وتوافد عليها الناس من المشرق والمغرب.
ومن المدارس المشهورة أيضًا المدرسة المستنصرية، جاء في وصفها في ترجمة بانيها المستنصر باللَّه الخليفة العباسي وبويع بالخلافة سنة ٦٢٣ هـ:
"له الآثار الجليلة منها وهي أعظمها المستنصرية وهي أعظم من أن توصف وشهرتها تغني عن وصفها (٢). . .، وقال في "الآداب السلطانية":
_________
(١) ناجي معروف، "المدارس الشرابية ببغداد وواسط ومكة"، ١٩٧٥ م، جامعة بغداد، ص ١٢٣ - ١٢٤.
(٢) ابن طباطبا، "الفخري في الآداب السلطانية"، ١٩٦٦ م، دار بيروت، ص ٣٣٠.
1 / 63