كان عالما حر الضمير والفكر، صارما جدا في أحكامه.
ولما كان كاهنا عهد إليه بامتحان المرشحين للكهنوت، فجاءه وجيه بابنه ليمتحنه؛ فكانت نتيجة الامتحان: رح ارع المعزى، أنت لا تصلح لرعاية البشر.
وكان من طبعه الإصرار على عمل ما يعتقده أنه حق، ولكنه كان يرجع حالا عن غلطه عندما تتضح له الحقيقة.
كان - رحمه الله - وطنيا مجاهدا قوي الذاكرة، أنعم الله عليه بما لم ينعم به على سلفه إلياس.
فإلياس لم يكن يعرف إلا من يحتكون به كثيرا، ويترك تصريف الشئون للأساقفة، أما أنطون فكان لا ينسى من رآه مرة، ويسميه باسمه؛ ولهذا كان - قبل أن أقعده المرض - يصرف الشئون، ويدير الأمور غير معتمد على أحد، حتى أصبحت مطارنة الكرسي بلا عمل تقريبا.
اجتمع الإيمان والعقل والعلم في شخصية البطرك أنطون، فكنت ترى في غرفته كتب العلم إلى جانب الكتب الدينية، فكتاب اللاهوت إلى جانب كتاب «لاروس ماديكال».
وإيمانه القوي لم يحل دون تحكيم عقله في القضايا الدينية، فعندما كان أسقفا احتج على عبارة في كتاب رتبة العماد: ينفخ الكاهن في وجه الطفل ويقول: «اخرج منها أيها الروح النجس.» فكبرت هذه الكلمة عنده وقال: «من أين جاء الروح النجس إلى هذا الملاك؟»
فاستغرب الناس أن يحتج أسقف على ما أقرته الكنيسة، ولكن أنطون الصريح لم يتنازل عن رأيه.
وفي عهد بطركيته رأى أن أخبار كتاب الشهر المريمي التي تقرأ في الكنائس المارونية أشبه بالأساطير، فألف كتابا أخذ أخباره من عجائب سيدة لورد الثابتة علميا وتاريخيا.
كان قصده أن يريح الآذان من أخبار أورياما الغريبة العجيبة التي صنفها الأب موزارللي اليسوعي.
صفحة غير معروفة