عالية، 21 / 6 / 1950م
شهادات زور
إن لبنان معود على هذه النكسة الثقافية، ولكنه كان يتعافى فيما بعد.
فبعد الكهنة والأساقفة الذين كانوا منارة ثقافة وعلم - كالأسقفين: فرحات والسمعاني، والكاهنين: التولاوي والحاقلاني - أخذت الثقافة القديمة تنهار شيئا فشيئا.
وبعد أن كان لا يبلغ درجة الكهنوت إلا صاحب العقل والعلم والمعرفة، أمسى الكهنوت كهنوت خبز، وطمع فيه كل جاهل.
وإليك هذه الحكاية التي وقعت في أواخر القرن التاسع عشر:
أرسل أحد الكهنة ولده إلى رئيس أساقفة بعد قطاف الزيتون، وزوده برسالة يسأل فيها سيادة المطران أن يعلم ولده اللاهوت والسريانية والعربية، ويعيده إليه كاهنا قبل موسم القز؛ لأنه يحتاج إليه في ذلك الوقت.
وكان سكرتير الأسقف - الخوري مخايل غبريل - من أصحاب النكتة، فأراد أن يمتحن ذلك الشاب الذي يريد أن يتعلم اللاهوت، ويصير كاهنا في أربعة أشهر ... ففتح أحد الكتب وقال له: اقرأ يا حبيبي.
وراح الشاب يعلك، فكان تارة يكرج، وطورا يتهجى، حتى بلغ هذه العبارة: «هذا من جهة، وأما من جهة أخرى.» وأخذ يتمخض بها ويقول: وأما من جهة أخ... من جهة أخ... ناظرا إلى الأسقف وكاتب سره نظر مستح ، ففقع السكرتير من الضحك وقال له: انطق يا ابني انطق، لا تستح من سيدنا؛ هذي غير هاتيك ...
نعم، لقد وصلت البكالوريا التي حملها بعضهم إلى مثل هذه الحالة.
صفحة غير معروفة