لقد بعث محمدا صلى الله عليه وسلم وأنزل عليه الكتاب فيه تبيان لكل شيء يحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه بين قضائه وبين حدوده فقال ( تلك حدود الله فلا تقربوها ) وقال ( ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون ) وقسم ربنا قسما وليس لعباده فيه الخيرة ثم أمر نبيه باتباع كتابه فقال له ( اتبع ما يوحى إليك من ربك ) وقال ( فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه ) فعمل محمد صلى الله عليه وسلم بأمر ربه ومعه عثمان ومن شاء الله من أصحابه لا يرون رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعدى حدا ولا يبدل فريضة ولا حكما ولا يستحل شيئا حرمه الله ولا يحرم شيئا أحله الله ولا يحكم بين الناس إلا بما أنزل الله وكان يقول إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم ، فعمل صلى الله عليه وسلم ما شاء الله تابعا لما أمر الله يبلغ ما جاءه من الله والمؤمنون معه يعلمهم وينظرون إلى عمله حتى توفاه الله عليه الصلاة ة والسلام وهم عنه راضون فنسأل الله اتباع سبيله وهداه ولا يهتدي من اهتدى إلى الناس بتركه . ثم قام من بعده أبو بكر على الناس فأخذه بكتاب الله وعمل بسنة نبيه ولم يفارقه أحد من المسلمين ولم يعب عليه أحد في حكم حكمه ولا في قسم قسمه حتى فارق الدنيا وأهل الإسلام عنه راضون وعليه مجتمعون . ثم قام بعده عمر فكان قويا في الأمر شديدا على أهل النفاق يهتدي بمن كان قبله من المؤمنين يحكم بكتاب الله وسنة نبيه وابتلاه الله بفتوح من الدنيا ما لم يبتلى به صاحبيه وفارق الدنيا والدين ظاهر وكلمة الإسلام جامعة وشهادتهم قائمة والمؤمنون شهداء في الأرض . قال الله تعالى ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ) وبعد موته اشتور المؤمنون فولوا عثمان فعمل ما شاء الله بما يعرف أهل الإسلام حتى بسطت له الدنيا وفتح له من خزائن الأرض ما شاء الله .
صفحة ٢٤