128

مختصر تفسير ابن كثير

الناشر

دار القرآن الكريم

رقم الإصدار

السابعة

سنة النشر

١٤٠٢ هجري

مكان النشر

بيروت

تصانيف

التفسير
- ٢٠٣ - وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الأيام المعدودات (أيام التشريق) والأيام المعلومات (أيام العشر) قال عكرمة: يعني التكبير في ⦗١٨٣⦘ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ بَعْدَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ (اللَّهُ أَكْبَرُ، الله أكبر)، لحديث: «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرِ اللَّهِ» (رواه مسلم وأحمد) وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُذَافَةَ يَطُوفُ فِي مِنًى: «لَا تَصُومُوا هَذِهِ الْأَيَّامَ فَإِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرِ اللَّهِ ﷿». وعن عَائِشَةَ قَالَتْ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عن صوم أيام التشريق وقال: «هي أيام أكل وشرب وذكر الله» قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أربعة أيام، يوم النحر وثلاثة بعده وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: هِيَ ثَلَاثَةٌ: يَوْمُ النَّحْرِ وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ، اذْبَحْ فِي أَيِّهِنَّ شِئْتَ، وأفضلُها أَوَّلُهَا، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَعَلَيْهِ دَلَّ ظَاهِرُ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ حَيْثُ قَالَ: ﴿فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ من تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ فَدَلَّ عَلَى ثَلَاثَةٍ بَعْدَ النَّحْرِ، وَيَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ﴾ ذِكْرُ اللَّهِ عَلَى الْأَضَاحِيِّ وَقَدْ تقدم أن الرَّاجِحَ فِي ذَلِكَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ ﵀، وَهُوَ أَنَّ وَقْتَ الْأُضْحِيَّةِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ إِلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَيَتَعَلَّقُ بِهِ أَيْضًا الذَّكَرُ الْمُؤَقَّتُ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ وَالْمُطْلَقُ فِي سَائِرِ الأحوال، وفي وقته أقوال للعلماء أشهرها الذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ أَنَّهُ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَهُوَ آخِرُ النَّفْرِ الْآخِرِ. وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ﵁ كَانَ يُكَبِّرُ فِي قُبَّتِهِ، فَيُكَبِّرُ أَهْلُ السوق بتكبيره حتى ترتج منى تكبيرًا وقد جاء في الحديث: «إنما جعل الطواف بالبيت، والسعي بن الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَرَمْيُ الْجِمَارِ لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ ﷿» (رواه أبو داود) وَلَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى النَّفْرَ الْأَوَّلَ وَالثَّانِيَ - وَهُوَ تَفَرُّقُ النَّاسِ مِنْ مَوْسِمِ الْحَجِّ إِلَى سَائِرِ الْأَقَالِيمِ وَالْآفَاقِ بَعْدَ اجْتِمَاعِهِمْ فِي الْمَشَاعِرِ وَالْمَوَاقِفِ - قَالَ: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾، كَمَا قَالَ: ﴿وَهُوَ الذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾.

1 / 182