مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل

عبد الله الزيد ت. غير معلوم
91

مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل

الناشر

دار السلام للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٦هـ

مكان النشر

الرياض

تصانيف

﴿وَلَا خُلَّةٌ﴾ [البقرة: ٢٥٤] ولا صداقة ﴿وَلَا شَفَاعَةٌ﴾ [البقرة: ٢٥٤] إلا بإذن الله ﴿وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [البقرة: ٢٥٤] لِأَنَّهُمْ وَضَعُوا الْعِبَادَةَ فِي غَيْرِ موضعها. [٢٥٥] قَوْلُهُ ﷿: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ [البقرة: ٢٥٥] الباقي الدائم على الا بد وَهُوَ مَنْ لَهُ الْحَيَاةُ، وَالْحَيَاةُ صفة الله تعالى القيوم قَالَ مُجَاهِدٌ: الْقَيُّومُ الْقَائِمُ عَلَى كل شيء، قال الْكَلْبِيُّ: الْقَائِمُ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ، وَقِيلَ: هُوَ الْقَائِمُ بِالْأُمُورِ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الَّذِي لَا يَزُولُ ﴿لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ﴾ [البقرة: ٢٥٥] السِّنَةُ النُّعَاسُ، وَهُوَ النَّوْمُ الْخَفِيفُ، الوسنان بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ، يُقَالُ مِنْهُ وَسِنَ يسن وَسَنًا وَسِنَةً، وَالنَّوْمُ هو: الثقل المزيل للقوة والعقل نَفَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْ نَفْسِهِ النَّوْمَ لِأَنَّهُ آفَةٌ وَهُوَ مُنَزَّهٌ عَنِ الْآفَاتِ، وَلِأَنَّهُ تُغير وَلَا يجوز عليه التغير ﴿لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ [البقرة: ٢٥٥] مُلْكًا وَخَلْقًا، ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ [البقرة: ٢٥٥] بِأَمْرِهِ ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ﴾ [البقرة: ٢٥٥] قَالَ مُجَاهِدٌ وَعَطَاءٌ وَالسُّدِّيُّ: مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَمَا خَلْفَهُمْ مِنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، يَعْنِي: الْآخِرَةَ لِأَنَّهُمْ يَقْدَمُونَ عَلَيْهَا، وما خلفهم من الدُّنْيَا لِأَنَّهُمْ يُخَلِّفُونَهَا وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ، وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ: مَا مَضَى أَمَامَهُمْ، وَمَا خَلْفَهُمْ: مَا يَكُونُ بَعْدَهُمْ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مَا كان قبل الْمَلَائِكَةِ وَمَا خَلْفَهُمْ، أَيْ: مَا كَانَ بَعْدَ خَلْقِهِمْ، وَقِيلَ: مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ أَيْ: مَا قَدَّمُوهُ من خير وشر، وَمَا خَلْفَهُمْ مَا هُمْ فَاعِلُوهُ ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ﴾ [البقرة: ٢٥٥] أَيْ: مِنْ عِلْمِ اللَّهِ ﴿إِلَّا بِمَا شَاءَ﴾ [البقرة: ٢٥٥] أَنْ يُطْلِعَهُمْ عَلَيْهِ، يَعْنِي: لَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ إِلَّا بِمَا شَاءَ مِمَّا أَخْبَرَ بِهِ الرُّسُلَ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا - إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ﴾ [الجن: ٢٦ - ٢٧] وَمَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾ [البقرة: ٢٥٥] أَيْ: سِعَتُهُ مِثْلُ سِعَةِ السَّمَاوَاتِ والأرض ﴿وَلَا يَئُودُهُ﴾ [البقرة: ٢٥٥] أَيْ: لَا يُثْقِلُهُ وَلَا يَشُقُّ عَلَيْهِ، يُقَالُ: آدَنِي الشَّيْءُ أَيْ أثقلني، ﴿حِفْظُهُمَا﴾ [البقرة: ٢٥٥] أَيْ: حِفْظُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، ﴿وَهُوَ الْعَلِيُّ﴾ [البقرة: ٢٥٥] الرَّفِيعُ فَوْقَ خَلْقِهِ، وَالْمُتَعَالِي عَنِ الْأَشْيَاءِ وَالْأَنْدَادِ، وَقِيلَ: الْعَلِيُّ بِالْمُلْكِ والسلطنة، ﴿الْعَظِيمُ﴾ [البقرة: ٢٥٥] الْكَبِيرُ الَّذِي لَا شَيْءَ أَعْظَمُ مِنْهُ. [قَوْلُهُ تَعَالَى لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ] الْغَيِّ. . . . [٢٥٦] قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ [البقرة: ٢٥٦] لما أُجْلِيَتْ بَنُو النَّضِيرِ كَانَ فِيهِمْ عَدَدٌ مِنْ أَوْلَادِ الْأَنْصَارِ فَأَرَادَتِ الْأَنْصَارُ اسْتِرْدَادَهُمْ، وَقَالُوا: هُمْ أَبْنَاؤُنَا وَإِخْوَانُنَا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «خَيِّرُوا أَصْحَابَكُمْ فَإِنِ اخْتَارُوكُمْ فَهُمْ مِنْكُمْ وَإِنِ اخْتَارُوهُمْ فَأَجْلُوهُمْ مَعَهُمْ» (١) وَقَالَ مُجَاهِدٌ: كَانَ نَاسٌ مُسْتَرْضَعِينَ فِي الْيَهُودِ مِنَ الْأَوْسِ فَلَمَّا أُمِرَ النَّبِيُّ ﷺ بِإِجْلَاءِ بَنِي النَّضِيرِ، قَالَ الَّذِينَ كَانُوا مُسْتَرْضَعِينَ فِيهِمْ: لَنَذْهَبَنَّ

(١) أخرجه الطبري في التفسير ٥ / ٤٠٩، والبيهقي في السنن ٩ / ١٨٦.

1 / 99