مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل

عبد الله الزيد ت. غير معلوم
16

مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل

الناشر

دار السلام للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٦هـ

مكان النشر

الرياض

تصانيف

وَقِيلَ: مَعْنَاهُ كُونُوا عَلَى رَجَاءِ التَّقْوَى بِأَنْ تَصِيرُوا فِي سَتْرٍ وَوِقَايَةٍ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، وَحُكْمُ اللَّهِ مِنْ وَرَائِكُمْ يَفْعَلُ مَا يشاء. [٢٢] ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا﴾ [البقرة: ٢٢] أَيْ بِسَاطًا، وَقِيلَ: مَنَامًا، وَقِيلَ: وِطَاءً، أَيْ: ذَلَّلَهَا وَلَمْ يَجْعَلْهَا حَزْنَةً لَا يُمْكِنُ الْقَرَارُ عَلَيْهَا، والجعل ههنا بمعنى: الخلق، ﴿وَالسَّمَاءَ بِنَاءً﴾ [البقرة: ٢٢] سقفًا مرفوعًا، ﴿وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ﴾ [البقرة: ٢٢] أي: من السحاب، ﴿مَاءً﴾ [البقرة: ٢٢] وهو الْمَطَرَ، ﴿فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ﴾ [البقرة: ٢٢] من أَلْوَانَ الثَّمَرَاتِ وَأَنْوَاعَ النَّبَاتِ، ﴿رِزْقًا لَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢] طَعَامًا لَكُمْ وَعَلَفًا لِدَوَابِّكُمْ، ﴿فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا﴾ [البقرة: ٢٢] أَيْ: أَمْثَالًا تَعْبُدُونَهُمْ كَعِبَادَةِ اللَّهِ، وقال أَبُو عُبَيْدَةَ: النِّدُّ الضِّدُّ، وَهُوَ مِنَ الْأَضْدَادِ، وَاللَّهُ تَعَالَى بَرِيءٌ مِنَ الْمِثْلِ وَالضِّدِّ، ﴿وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ٢٢] أَنَّهُ وَاحِدٌ خَالِقُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ. [٢٣] ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ﴾ [البقرة: ٢٣] أَيْ: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلِمَ أَنَّهُمْ شاكون ﴿مِمَّا نَزَّلْنَا﴾ [البقرة: ٢٣] يعني: القرآن، ﴿عَلَى عَبْدِنَا﴾ [البقرة: ٢٣] محمد، ﴿فَأْتُوا﴾ [البقرة: ٢٣] أمر تعجيز، ﴿بِسُورَةٍ﴾ [البقرة: ٢٣] وَالسُّورَةُ قِطْعَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ مَعْلُومَةُ الأول والآخر. ﴿مِنْ مِثْلِهِ﴾ [البقرة: ٢٣] أَيْ: مِثْلِ الْقُرْآنِ، وَمِنْ: صِلَةٌ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾ [النُّورِ: ٣٠] وَقِيلَ: الْهَاءُ فِي مَثَلِهِ رَاجِعَةٌ إِلَى مُحَمَّدٍ ﷺ، يَعْنِي: مِنْ مِثْلِ مُحَمَّدٍ ﷺ أُمِّيٌّ لَا يُحْسِنُ الخط والكتابة، ﴿وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٣] أَيْ: وَاسْتَعِينُوا بِآلِهَتِكُمُ الَّتِي تَعْبُدُونَهَا، ﴿مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٢٣] وَقَالَ مُجَاهِدٌ: نَاسًا يَشْهَدُونَ لَكُمْ، ﴿إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [البقرة: ٢٣] أَنَّ مُحَمَّدًا ﷺ تقوَّلَه مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ، فَلَمَّا تَحَدَّاهُمْ عَجَزُوا، فَقَالَ: [٢٤] ﴿فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا﴾ [البقرة: ٢٤] فيما مضى ﴿وَلَنْ تَفْعَلُوا﴾ [البقرة: ٢٤] أَبَدًا فِيمَا بَقِيَ، وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِبَيَانِ الْإِعْجَازِ، وَأَنَّ الْقُرْآنَ كان معجزة النَّبِيُّ ﷺ حَيْثُ عَجَزُوا عَنِ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِهِ، قوله: ﴿فَاتَّقُوا النَّارَ﴾ [البقرة: ٢٤] أَيْ: فَآمِنُوا وَاتَّقُوا بِالْإِيمَانِ النَّارَ، ﴿الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ [البقرة: ٢٤] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ: يَعْنِي حِجَارَةَ الْكِبْرِيتِ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ التهابًا، وقيل: جمع الحجارة، وهو دليل على عظم تِلْكَ النَّارِ، وَقِيلَ: أَرَادَ بِهَا الْأَصْنَامَ لِأَنَّ أَكْثَرَ أَصْنَامِهِمْ كَانَتْ مَنْحُوتَةً مِنَ الْحِجَارَةِ، كَمَا قَالَ: ﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ: ٩٨] ﴿أُعِدَّتْ﴾ [البقرة: ٢٤] هيئت ﴿لِلْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: ٢٤] [٢٥] قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [البقرة: ٢٥] أَيْ: أَخْبِرْ، وَالْبِشَارَةُ: كُلُّ خَبَرِ صِدْقٍ تَتَغَيَّرُ بِهِ بَشَرَةُ الْوَجْهِ، وَيُسْتَعْمَلُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَفِي الخير أغلب، ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ [البقرة: ٢٥] أَيِ: الْفِعْلَاتِ الصَّالِحَاتِ، يَعْنِي: الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَهْلِ الطَّاعَاتِ قَالَ مُعَاذٌ: الْعَمَلُ الصَّالِحُ الَّذِي فِيهِ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ: الْعِلْمُ وَالنِّيَّةُ وَالصَّبْرُ وَالْإِخْلَاصُ، ﴿أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ﴾ [البقرة: ٢٥] جَمْعُ الْجَنَّةِ، وَالْجَنَّةُ: الْبُسْتَانُ الَّذِي فِيهِ أَشْجَارٌ مُثْمِرَةٌ، سُمِّيَتْ بِهَا لِاجْتِنَانِهَا وَتَسَتُّرِهَا بِالْأَشْجَارِ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الْجَنَّةُ مَا فِيهِ النَّخِيلُ، وَالْفِرْدَوْسُ مَا فِيهِ الْكَرْمُ ﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا﴾ [البقرة: ٢٥] أَيْ: مِنْ تَحْتِ أَشْجَارِهَا وَمَسَاكِنِهَا ﴿الْأَنْهَارُ﴾ [البقرة: ٢٥] أَيِ: الْمِيَاهُ فِي الْأَنْهَارِ، لِأَنَّ النَّهْرَ لَا يَجْرِي، وَقِيلَ: مِنْ تحتها أي: بأمرهم، وَالْأَنْهَارُ جَمْعُ نَهْرٍ، سُمِّيَ بِهِ لسعته وضيائه، ومنه النهار ﴿كُلَّمَا﴾ [البقرة: ٢٥] متى ما، ﴿رُزِقُوا﴾ [البقرة: ٢٥] أطعموا ﴿مِنْهَا﴾ [البقرة: ٢٥] أَيْ: مِنَ الْجَنَّةِ، ﴿مِنْ ثَمَرَةٍ﴾ [البقرة: ٢٥] أي: ثمرة، ومن: صلة. ﴿رِزْقًا﴾ [البقرة: ٢٥] طَعَامًا، ﴿قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ﴾ [البقرة: ٢٥] قِيلَ: مِنْ قَبْلُ فِي الدُّنْيَا، وَقِيلَ: الثِّمَارُ فِي الْجَنَّةِ مُتَشَابِهَةٌ فِي اللَّوْنِ مُخْتَلِفَةٌ فِي الطَّعْمِ، فَإِذَا رُزِقُوا ثَمَرَةً بَعْدَ أُخْرَى ظَنُّوا أَنَّهَا الْأُولَى، ﴿وَأُتُوا بِهِ﴾ [البقرة: ٢٥] رزقًا ﴿مُتَشَابِهًا﴾ [البقرة: ٢٥] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَالرَّبِيعُ: مُتَشَابِهًا فِي الْأَلْوَانِ مُخْتَلِفًا فِي الطُّعُومِ، وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ: مُتَشَابِهًا أَيْ: يُشْبِهُ بَعْضُهَا بَعْضًا فِي الْجَوْدَةِ، أَيْ: كُلُّهَا خِيَارٌ لَا رَذَالَةَ فِيهَا، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: يُشْبِهُ ثَمَرَ الدُّنْيَا، غَيْرَ أَنَّهَا أَطْيَبُ، وَقِيلَ: مُتَشَابِهًا فِي

1 / 22