مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل

عبد الله الزيد ت. غير معلوم
94

مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل

الناشر

دار السلام للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٦هـ

مكان النشر

الرياض

تصانيف

عظام حماره ﴿ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا﴾ [البقرة: ٢٥٩] ثم كسي العظام لحما فصار حمارا وَقَالَ قَوْمٌ: أَرَادَ بِهِ عِظَامَ هذا الرجل، ذلك أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُمِتْ حِمَارَهُ بَلْ أَمَاتَهُ هُوَ: فَأَحْيَا اللَّهُ عَيْنَيْهِ، وَرَأْسَهُ وَسَائِرَ جَسَدُهُ مَيِّتٌ، ثُمَّ قَالَ: انْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ فَنَظَرَ فَرَأَى حِمَارَهُ قَائِمًا واقفا كهيئة يَوْمَ رَبَطَهُ حَيًّا لَمْ يَطْعَمْ وَلَمْ يَشْرَبْ مِائَةَ عَامٍ، وَنَظَرَ إِلَى الرُّمَّةِ فِي عُنُقِهِ جَدِيدَةً لَمْ تَتَغَيَّرْ، وَتَقْدِيرُ الْآيَةِ: وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَانْظُرْ إِلَى عِظَامِكَ كيف ننشزها ﴿فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ﴾ [البقرة: ٢٥٩] ذلك عيانا، ﴿قَالَ أَعْلَمُ﴾ [البقرة: ٢٥٩] قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ مَجْزُومًا مَوْصُولًا عَلَى الْأَمْرِ عَلَى مَعْنَى قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ: اعْلَمْ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ (أَعْلَمُ) بِقَطْعِ الْأَلِفِ وَرَفْعِ الميم على الخبر عن عزيز أَنَّهُ قَالَ لَمَّا رَأَى ذَلِكَ: أَعْلَمُ، ﴿أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [البقرة: ٢٥٩] [٢٦٠] قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى﴾ [البقرة: ٢٦٠] لِأُعَايِنَ فَأَزْدَادَ يَقِينًا فَعَاتَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى، ﴿قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى﴾ [البقرة: ٢٦٠] يَا رَبِّ عَلِمْتُ وَآمَنْتُ، ﴿وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾ [البقرة: ٢٦٠] أَيْ: لِيَسْكُنَ قَلْبِي إِلَى الْمُعَايَنَةِ وَالْمُشَاهَدَةِ، أَرَادَ أَنْ يَصِيرَ لَهُ عِلْمُ الْيَقِينِ عَيْنَ الْيَقِينِ، لِأَنَّ الخبر ليس كالمعاينة ﴿قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ﴾ [البقرة: ٢٦٠] قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَحَمْزَةُ (فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ) بِكَسْرِ الصَّادِ، أَيْ: قَطِّعْهُنَّ وَمَزِّقْهُنَّ، يُقَالُ: صَارَ يَصِيرُ صَيْرًا، إِذَا قَطَعَ، وَانْصَارَ الشَّيْءُ انْصِيَارًا إذا انقطع، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ (فَصُرْهُنَّ) بِضَمِّ الصَّادِ، ومعناه: أملهن إليك ووجههن وَقَالَ عَطَاءٌ مَعْنَاهُ: اجْمَعْهُنَّ وَاضْمُمْهُنَّ إِلَيْكَ ﴿ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا﴾ [البقرة: ٢٦٠] أراد بعض الجبال، قال المفسرون: أَمَرَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ أَنْ يَذْبَحَ تِلْكَ الطُّيُورَ، وَيَنْتِفَ رِيشَهَا وَيَقْطَعَهَا وَيَخْلِطَ رِيشَهَا وَدِمَاءَهَا وَلُحُومَهَا بَعْضَهَا بِبَعْضٍ، فَفَعَلَ ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يجعل أجزاءها على الجبال ثم دعاهن فقال: تعالين بإذن الله فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا﴾ [البقرة: ٢٦٠] قِيلَ: الْمُرَادُ بِالسَّعْيِ الْإِسْرَاعُ وَالْعَدْوُ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ الْمَشْيُ دُونَ الطيران وَقِيلَ: السَّعْيُ بِمَعْنَى: الطَّيَرَانِ، ﴿وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [البقرة: ٢٦٠] [قَوْلُهُ تَعَالَى مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ] اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ. . . . [٢٦١] قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٢٦١] فِيهِ إِضْمَارٌ تَقْدِيرُهُ: مَثَلُ صَدَقَاتِ الذين ينفقون أموالهم، ﴿كَمَثَلِ﴾ [البقرة: ٢٦١] زارع ﴿حَبَّةٍ﴾ [البقرة: ٢٦١] وَأَرَادَ بِسَبِيلِ اللَّهِ: الْجِهَادَ، وَقِيلَ: جميع أبواب الخير، ﴿أَنْبَتَتْ﴾ [البقرة: ٢٦١] أخرجت، ﴿سَبْعَ سَنَابِلَ﴾ [البقرة: ٢٦١] جَمْعُ: سُنْبُلَةٍ، ﴿فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [البقرة: ٢٦١] قِيلَ: مَعْنَاهُ يُضَاعِفُ هَذِهِ الْمُضَاعَفَةَ لِمَنْ يَشَاءُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ يُضَاعِفُ عَلَى هَذَا وَيَزِيدُ لِمَنْ يَشَاءُ ﴿وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: ٢٦١] غَنِيٌّ يُعْطِي عَنْ سَعَةٍ، عَلِيمٌ بنية من ينفق ماله. [٢٦٢] قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٢٦٢] أي: فِي طَاعَةِ اللَّهِ ﴿ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا﴾ [البقرة: ٢٦٢] وَهُوَ أَنْ يَمُنَّ عَلَيْهِ بِعَطَائِهِ، فَيَقُولَ:

1 / 102