ومن طريق يونس بن ميسرة عن سهل بن الحنظلية العبشمي أن النبي ﷺ أمر معاوية أن يكتب للأقرع وعيينة، فقال: عيينة؟! أتراني أذهب بصحيفة المتلمس، فأخذ رسول الله ﷺ الصحيفة فنظر فيها فقال: «قد كتب لك بما أمر لك»، قال يونس بن ميسرة: «فنرى أن رسول الله ﷺ كتب بعد ما أنزل عليه» (١).
وذكر عياض أنه وردت آثار تدل على معرفة الرسول ﷺ حروف الخط، وحسن تصويرها، كقوله لكتابه: «ضع القلم على أذنك فإنه أذكر لك».
وقوله لمعاوية: «ألق الدواة، وحرف القلم، وأقم الباء، وفرق السين، ولا تعور الميم» وقوله: «ولا تمد بسم الله» وأضاف عياض: «هذا وإن لم يثبت أنه كتب فعلا، فلا يبعد أن يرزق علم وضع الكتابة، فإنه أوتي علم كل شيء» (٢).
وكان أبو الوليد الباجي قد اجتهد في تجلية رأيه للموافقين والمخالفين معا، فصنف رسالته المسماة: «تحقيق المذهب» التي ظهر فيها علمه، وبين فيها وجوه المسألة لمن لم يفهمها، وأوضح أن كتابة الرسول ﷺ لاسمه غير قادح في المعجزة.
وذكر بمن قال بهذا القول من العلماء من أمثال شيخه أبي ذر الهروي (٣)،
_________
(١) انظر: فتح الباري ٩/ ٤٤.
(٢) انظر: فتح الباري ٩/ ٤٤.
(٣) الإمام عبد بن محمد بن محمد بن عبد الله السماك الأنصاري الهروي المالكي شيخ الحرم ت ٤٣٤ هـ.
انظر: سير أعلام النبلاء ١٧/ ٥٥٤.