باستيلاء ملوك الطوائف على الأندلس، فذهبت كتبها كل مذهب» (١).
وذكر خزانة خلفاء العباسيين ببغداد، وخزانة الفاطميين بمصر.
ولما جاء ملوك الطوائف- وكان كثير منهم من أتباع الأمويين- نهجوا على ذلك المنهاج، فكان منهم الكتاب والشعراء، وكذلك كان وزراؤهم، فاتسعت آفاق الفكر وكثر الإنتاج العلمي، فكانت الأندلس روضة من رياض العلم والأدب، فلم يضعف العلم بضعف السياسة، ولم يأفل نجم العلماء كما أفل نجم الأمراء وأصحاب السياسة.
وبلغت الحياة العلمية في بلاد الأندلس نشاطا ملحوظا، فبرز عبد الرحمن ابن محمد بن فطيس ت ٤٠٢ هـ، كان ﵀ من كبار المحدثين وصدور العلماء المسندين، حافظا للحديث، متقنا لعلومه، وله مشاركة في سائر العلوم.
جمع من الكتب في أنواع العلوم ما لم يجمعه أحد من أهل عصره في الأندلس، وكان له ستة وراقين ينسخون له دائما، وكان قد رتب لهم على ذلك راتبا معلوما، وكان لا يسمع بكتاب حسن إلا اشتراه أو استنسخه.
ولما توفي اجتمع أهل قرطبة لبيع كتبه، فأقاموا في بيعها مدة عام كامل في المسجد (٢).
وكان المظفر بن الأفطس أبو بكر بن محمد بن عبد الله بن مسلمة التجيبي صاحب بطليوس ت ٤٦٠ هـ «كثير الأدب جمّ المعرفة محبا لأهل
_________
(١) انظر: صبح الأعشى في صناعة الإنشا ١/ ٤٦٦.
(٢) انظر: الديباج المذهب ١٥٠، الصلة ١/ ٢٩٨، طبقات المفسرين ١/ ٢٩١.
1 / 38