يوما مشهودا، فكتب عهده (١) فنقم عليه أهل الدولة، وكره ذلك الأمويون والقرشيون، وغصوا بالأمر، وأجمعوا أمرهم، فوثبوا عليه، فقتلوه وخلعوا هشاما المؤيد بالله سنة ٣٩٩ هـ. وبايعوا محمد بن هشام بن عبد الجبار بن أمير المؤمنين الناصر لدين الله من أعقاب الخلفاء، ولقبوه بالمهدي بالله، وذهبت الدولة العامرية كأن لم تكن (٢).
وكان محمد بن هشام قد نقم على البربر، وأظهر كراهيتهم، فكان يذمهم في مجالسه، لأنهم ظاهروا المنصور بن أبي عامر، وأصبحوا شيعة لبنيه من بعده، فأمر محمد بن هشام ألا يركبوا، ولا يتسلحوا.
ولما رأى البربر ما دهاهم من محمد بن هشام، انضموا إلى هشام بن سليمان الناصر لدين الله، وسموه الرشيد فزحفوا معه على قرطبة، وحاصروا فيها محمد بن هشام، فكانت الكرة لمحمد بن هشام، وقبضوا على هشام بن سليمان وأخيه، فضربت أعناقهما.
فأقام البربر سليمان بن الحكم بن سليمان بن الناصر لدين الله، فبايعوه، وسموه المستعين بالله (٣) فقدم بهم قرطبة، فبرز إليهم محمد ابن هشام، فكانت الهزيمة عليه وهلك من خيار الناس وأئمة المساجد ومؤذنيها خلق كثير. وقتل بعض العبيد محمد بن هشام في وقعة أخرى
_________
(١) انظر: نص كتابة العهد في أعمال الأعلام ٨٨.
(٢) انظر: جذوة المقتبس ١٨، بغية الملتمس ٢٢، أعمال الأعلام ١٠٩، البيان ٣/ ٣٤، نفح الطيب ١/ ٤٢٨، المعجب ٢٢.
(٣) انظر: جذوة المقتبس ١٩، بغية الملتمس ٢٤، أعمال الأعلام ١١٤، المعجب ٢٣، البيان ٣/ ٩١، تاريخ ابن خلدون ٤/ ١٥٠، نفح الطيب ١/ ٤٢٨.
1 / 27