مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
محقق
سيد إبراهيم
الناشر
دار الحديث
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
مكان النشر
القاهرة - مصر
تصانيف
وَلِهَذَا يَقُولُونَ: التَّأْوِيلُ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ. وَالتَّأْوِيلُ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ، وَهَذَا التَّأْوِيلُ هُوَ الَّذِي صَنَّفَ فِي تَسْوِيغِهِ وَإِبْطَالِهِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، فَمَنْ صَنَّفَ فِي إِبْطَالِ التَّأْوِيلِ عَلَى رَأْيِ الْمُتَكَلِّمِينَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى وَالشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّينِ ابْنُ قُدَامَةَ، وَقَدْ حَكَى غَيْرُ وَاحِدٍ إِجْمَاعَ السَّلَفِ عَلَى عَدَمِ الْقَوْلِ بِهِ.
وَمِنَ التَّأْوِيلِ الْبَاطِلِ تَأْوِيلُ أَهْلِ الشَّامِ «قَوْلَهُ ﷺ لِعَمَّارٍ: " تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ» "، فَقَالُوا: نَحْنُ لَمْ نَقْتُلْهُ إِنَّمَا قَتَلَهُ مَنْ جَاءَ بِهِ حَتَّى أَوْقَعَهُ بَيْنَ رِمَاحِنَا، وَهَذَا التَّأْوِيلُ مُخَالِفٌ لِحَقِيقَةِ اللَّفْظِ وَظَاهِرِهِ فَإِنَّ الَّذِي قَتَلَهُ هُوَ الَّذِي بَاشَرَ قَتْلَهُ لَا مَنِ اسْتَنْصَرَ بِهِ، وَلِهَذَا رَدَّ عَلَيْهِمْ مَنْ هُوَ أَوْلَى بِالْحَقِّ وَالْحَقِيقَةِ مِنْهُمْ فَقَالُوا: أَفَيَكُونُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَصْحَابُهُ هُمُ الَّذِينَ قَتَلُوا حَمْزَةَ وَالشُّهَدَاءَ مَعَهُ لِأَنَّهُمْ أَتَوْا بِهِمْ حَتَّى أَوْقَعُوهُمْ تَحْتَ سُيُوفِ الْمُشْرِكِينَ؟
وَمِنْ هَذَا قَوْلُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ لَمَّا رَوَى حَدِيثَ عَائِشَةَ: " «فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، فَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ وَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ " فَقِيلَ لَهُ: فَمَا بَالُ عَائِشَةَ أَتَمَّتْ فِي السَّفَرِ؟ قَالَ: تَأَوَّلَتْ كَمَا تَأَوَّلَ عُثْمَانُ»، وَلَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّ عَائِشَةَ وَعُثْمَانَ تَأَوَّلَا آيَةَ الْقَصْرِ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِهَا وَإِنَّمَا مُرَادُهُ أَنَّهُمَا تَأَوَّلَا دَلِيلًا قَامَ عِنْدَهُمَا اقْتَضَى جَوَازَ الْإِتْمَامِ فَعَمِلَا بِهِ، فَكَانَ عَمَلُهُمَا بِهِ هُوَ تَأْوِيلُهُ، فَإِنَّ الْعَمَلَ بِدَلِيلِ الْأَمْرِ هُوَ تَأْوِيلُهُ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَتَأَوَّلُ قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ﴾ [النصر: ٣] بِامْتِثَالِهِ بِقَوْلِهِ " «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي» "، فَكَأَنَّ عَائِشَةَ وَعُثْمَانَ تَأَوَّلَا
1 / 22