310

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

محقق

سيد إبراهيم

الناشر

دار الحديث

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

مكان النشر

القاهرة - مصر

تصانيف

يَمْنَعُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْمَاءُ الْكَثِيرُ، وَلَا يَسْبِقُ إِلَى فَهْمِ أَحَدٍ مِنْ قَوْلِهِ ﷺ " «إِنَّ خَالِدًا سَيْفٌ سَلَّهُ اللَّهُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ» " أَنَّ خَالِدًا حَدِيدَةٌ طَوِيلَةٌ لَهَا شَفْرَتَانِ، بَلِ السَّابِقُ إِلَى الْأَفْهَامِ مِنْ هَذَا التَّرْكِيبِ نَظِيرُ السَّابِقِ مِنْ قَوْلِهِمْ: " «يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ وَنَحْمِلُ مَعَنَا الْقَلِيلَ مِنَ الْمَاءِ» "، وَنَظِيرُ السَّابِقِ إِلَى الْفَهْمِ مِنْ قَوْلِهِ: إِنَّهُ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ بَعْدَمَا عَلَوْتُهُ بِالسَّيْفِ، فَكَيْفَ كَانَ هَذَا حَقِيقَةً وَذَاكَ مَجَازًا، وَالسَّبَقُ إِلَى الْفَهْمِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَاحِدٌ؟ .
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ ﷺ فِي حَمْزَةَ " «إِنَّهُ أَسَدُ اللَّهِ وَأَسَدُ رَسُولِهِ» " وَقَوْلُ أَبِي بَكْرٍ ﵁ فِي أَبِي قَتَادَةَ: لَا يَعْمِدُ إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِ اللَّهِ يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَيُعْطِيكَ سَلَبَهُ، لَمْ يَسْبِقْ فَهْمَهُ أَنَّهُ الْحَيَوَانُ الَّذِي يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ، بَلْ يَسْبِقُ مِنْ قَوْلِهِ أَنَّ ثَلَاثَةً حَفَرُوا زُبْيَةَ أَسَدٍ فَوَقَعُوا فِيهَا فَقَتَلَهُمُ الْأَسَدُ، مَعْنَاهُ.
وَلَا يَفْهَمُ أَحَدٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ﴾ [النحل: ١١٢] أَنَّ الْجُوعَ وَالْخَوْفَ طَعَامٌ يُؤْكَلُ بِالْفَهْمِ، بَلْ هَذَا التَّرْكِيبُ لِهَذَا الْمَفْعُولِ! مَعَ هَذَا الْفِعْلِ حَقِيقَةٌ فِي مَعْنَاهُ كَالتَّرْكِيبِ فِي قَوْلِهِ: ﴿أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ﴾ [قريش: ٤] وَنِسْبَةُ هَذَا إِلَى مَعْنَاهُ الْمُرَادِ بِهِ كَنِسْبَةِ الْآخَرِ إِلَى مَعْنَاهُ، وَفَهْمُ أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ مِنْ هَذَا الْعَقْدِ وَالتَّرْكِيبِ كَفَهْمِ الْمَعْنَى الْآخَرِ وَالسَّبَقُ كَالسَّبْقِ، وَالتَّجْرِيدُ عَنْ كُلِّ قَرِينَةٍ مُمْتَنِعٌ،

1 / 327