مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
محقق
سيد إبراهيم
الناشر
دار الحديث
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
مكان النشر
القاهرة - مصر
تصانيف
الْإِلَهِيَّةُ وَالنُّصُوصُ النَّبَوِيَّةُ نَاطِقَةٌ بِذَلِكَ، وَإِنْكَارٌ لِمَا عُلِمَ بِالضَّرُورَةِ مِنْ دِينِ الرُّسُلِ أَنَّهُمْ جَاءُوا بِهِ.
وَنَحْنُ نَقُولُ: إِنَّ كُلَّ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ تَتَضَمَّنُ إِثْبَاتَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَفِيهَا أَنْوَاعٌ مِنَ الْأَدِلَّةِ عَلَيْهَا، فَأَدِلَّتُهَا تَزِيدُ عَلَى عَشَرَةِ آلَافِ دَلِيلٍ، فَأَوَّلُ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ تَدُلُّ عَلَيْهَا مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ، وَهِيَ سُورَةُ أُمِّ الْكِتَابِ، فَإِنَّ قَوْلَهُ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ [الفاتحة: ٢] يَدُلُّ عَلَيْهَا، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ يُحْمَدُ عَلَى أَفْعَالِهِ كَمَا حَمَدَ نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ، وَحَمِدَهُ عَلَيْهَا رُسُلُهُ وَمَلَائِكَتُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ مِنْ عِبَادِهِ، فَمَنْ لَا فِعْلَ لَهُ الْبَتَّةَ كَيْفَ يُحْمَدُ عَلَى ذَلِكَ؟ فَالْأَفْعَالُ هِيَ الْمُقْتَضِيَةُ لِلْحَمْدِ، وَلِهَذَا تَجِدُهُ مَقْرُونًا بِهَا كَقَوْلِهِ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾ [الأنعام: ١]، ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا﴾ [الأعراف: ٤٣]، ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ﴾ [الكهف: ١] .
الثَّانِي: قَوْلُهُ: ﴿رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الفاتحة: ٢] وَرُبُوبِيَّتُهُ لِلْعَالَمِ تَتَضَمَّنُ تَصَرُّفَهُ فِيهِ وَتَدْبِيرَهُ لَهُ وَإِنْفَاذَ أَمْرِ كُلِّ وَقْتٍ فِيهِ، وَكَوْنُهُ مَعَهُ كُلَّ سَاعَةٍ فِي شَأْنٍ: يَخْلُقُ وَيَرْزُقُ، وَيُحْيِي وَيُمِيتُ، وَيَخْفِضُ وَيَرْفَعُ، وَيُعْطِي وَيَمْنَعُ، وَيُعِزُّ وَيُذِلُّ، وَيُصَرِّفُ الْأُمُورَ بِمَشِيئَتِهِ وَإِرَادَتِهِ، وَإِنْكَارُ ذَلِكَ إِنْكَارٌ لِرُبُوبِيَّتِهِ وَإِلَهِيَّتِهِ وَمُلْكِهِ.
الثَّالِثُ: ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة: ٣] هُوَ الَّذِي يَرْحَمُ بِقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَاحِمًا قَبْلَ ذَلِكَ.
الرَّابِعُ: قَوْلُهُ: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ [الفاتحة: ٤] وَالْمَلِكُ هُوَ الْمُتَصَرِّفُ فِيمَا هُوَ مَلِكٌ عَلَيْهِ وَمَالِكٌ لَهُ، وَمَنْ لَا تَصَرُّفَ لَهُ وَلَا يَقُومُ بِهِ فِعْلٌ الْبَتَّةَ لَا يُعْقَلُ لَهُ ثُبُوتُ مُلْكٍ.
الْخَامِسُ: قَوْلُهُ: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ [الفاتحة: ٦] فَهَذَا سُؤَالُ الْفِعْلِ يَفْعَلُهُ لَهُمْ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا قَبْلَ ذَلِكَ، وَهِيَ الْهِدَايَةُ الَّتِي هِيَ فِعْلُهُ.
السَّادِسُ: قَوْلُهُ: ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ [الفاتحة: ٧] وَفِعْلُهُ الْقَائِمُ بِهِ وَهُوَ الْإِنْعَامُ، فَلَوْ لَمْ يَقُمْ بِهِ فِعْلُ الْإِنْعَامِ لَمْ يَكُنْ لِلنِّعْمَةِ وُجُودٌ الْبَتَّةَ.
السَّابِعُ: قَوْلُهُ: ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾ [الفاتحة: ٧] وَهُمُ الَّذِينَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بَعْدَمَا أَوَجَدَهُمْ وَقَامَ بِهِمْ سَبَبُ الْغَضَبِ، إِذِ الْغَضَبُ عَلَى الْمَعْدُومِ مُحَالٌ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: " «أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَالَ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الفاتحة: ٢] يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي
1 / 200