مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
محقق
سيد إبراهيم
الناشر
دار الحديث
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
مكان النشر
القاهرة - مصر
تصانيف
وَهُدًى فَإِذَا أَرَادَ بِهِ خِلَافَ ظَاهِرِهِ وَلَمْ يَحُفَّ بِهِ قَرَائِنَ تَدُلُّ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي يَتَبَادَرُ غَيْرُهُ إِلَى كُلِّ أَحَدٍ لَمْ يَكُنْ بَيَانًا وَلَا هُدًى.
[فصل تَنَازَعَ النَّاسُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَحْكَامِ وَلَمْ يَتَنَازَعُوا فِي آيَاتِ الصِّفَاتِ]
فَصْلٌ
تَنَازَعَ النَّاسُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَحْكَامِ وَلَمْ يَتَنَازَعُوا فِي آيَاتِ الصِّفَاتِ وَأَخْبَارِهَا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ بَلِ اتَّفَقَ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ عَلَى إِقْرَارِهَا وَإِمْرَارِهَا مَعَ فَهْمِ مَعَانِيهَا وَإِثْبَاتِ حَقَائِقِهَا، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا أَعْظَمُ النَّوْعَيْنِ بَيَانًا وَأَنَّ الْعِنَايَةَ بِبَيَانِهَا أَهَمُّ لِأَنَّهَا مِنْ تَمَامِ تَحْقِيقِ الشَّهَادَتَيْنِ، وَإِثْبَاتَهَا مِنْ لَوَازِمَ التَّوْحِيدِ، فَبَيَّنَهَا اللَّهُ ﷾ وَرَسُولُهُ بَيَانًا شَافِيًا لَا يَقَعُ فِيهِ لَبْسٌ يُوقِعُ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ.
وَآيَاتُ الْأَحْكَامِ لَا يَكَادُ يَفْهَمُ مَعَانِيَهَا إِلَّا الْخَاصَّةُ مِنَ النَّاسِ، وَأَمَّا آيَاتُ الصِّفَاتِ فَيَشْتَرِكُ فِي فَهْمِ مَعْنَاهَا الْخَاصُّ وَالْعَامُّ، أَعَنِي فَهْمَ أَصْلِ الْمَعْنَى لَا فَهْمَ الْكُنْهِ وَالْكَيْفِيَّةِ، وَلِهَذَا أَشْكَلَ عَلَى بَعْضِ الصَّحَابَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ﴾ [البقرة: ١٨٧] حَتَّى يُبَيَّنَ لَهُمْ بِقَوْلِهِ: ﴿مِنَ الْفَجْرِ﴾ [البقرة: ١٨٧] وَلَمْ يُشْكِلْ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ قَوْلُهُ: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ﴾ [البقرة: ١٨٦] وَغَيْرُهَا مِنْ آيَاتِ الصِّفَاتِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ آيَاتِ الْأَحْكَامِ مُجْمَلَةٌ عُرِفَ بَيَانُهَا بِالسُّنَّةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ﴾ [البقرة: ١٩٦] فَهَذَا مُجْمَلٌ فِي قَدْرِ الصِّيَامِ وَالْإِطْعَامِ، فَبَيَّنَتْهُ السُّنَّةُ بِأَنَّهُ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ إِطْعَامُ سِتَّةِ مَسَاكِينَ أَوْ ذَبْحُ شَاةٍ، وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ كَآيَةِ السَّرِقَةِ وَآيَةِ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ، وَلَيْسَ فِي آيَاتِ الصِّفَاتِ وَأَحَادِيثِهَا مُجْمَلٌ يَحْتَاجُ إِلَى بَيَانٍ مِنْ خَارِجٍ بَلْ بَيَانُهَا فِيهَا وَإِنْ جَاءَتِ السُّنَّةُ بِزِيَادَةٍ فِي الْبَيَانِ وَالتَّفْصِيلِ.
1 / 28