التابعين بل الشيعة تقول إن كل واحد إنما يعين بنص من قبله، فبطل أن يكون هذا أهم أمور الدين.
وأما الثاني فعلى هذا التقدير يكون أهم المطالب في كل زمان الإيمان بإمام ذلك الزمان، ويكون الإيمان من سنة ستين ومائتين إلى هذا التاريخ إنما هو الإيمان بإمامة محمد بن الحسن، ويكون هذا أعظم من الإيمان بأنه لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ومن الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت، ومن الإيمان بالصلاة والزكاة والصيام والحج وسائر الواجبات، وهذا مع أنه معلوم فساده بالاضطرار من دين الاسلام، فليس هو قول الإمامية، فإن اهتمامهم بعلي وإمامته أعظم من اهتمامهم بإمامة المنتظر كما ذكره هذا المصنف، وأمثاله من شيوخ الشيعة.
وأيضا فإن كان هذا هو أهم المطالب في الدين فالإمامية آخر الناس في صفقة هذا الدين، لأنهم جعلوا الإمام المعصوم، هو الإمام المعدوم الذي لم ينفعهم في الدين والدنيا، فلم يستفيدوا م أهم الأمور الدينية شيئا من منافع الدين ولا الدنيا.
وإن قالوا: إن المراد أن الإيمان بحكم الإمامة مطلقا هو أهم أمور الدين، كان هذا أيضا باطلا للعلم الضروري أن غيرها من أمور الدين أهم منها، وإن أريد معنى رابع فلا بد من بيانه لنتكلم عليه.
(الوجه الثاني) أن يقال إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم تجب طاعته على الناس لكونه إماما، بل لكونه رسول الله إلى الناس، وهذا المعنى ثابت له حيا وميتا، فوجوب طاعته على من بعده كوجوب طاعته على أهل زمانه، وأهل زمانه فيهم الشاهد الذي يسمع أمره ونهيه، وفيهم الغائب الذي بلغه الشاهد أمره ونهيه.
فكما يجب على الغائب عنه في حياته طاعة أمره ونهيه، يجب ذلك على من يكون بعد موته، وهو - صلى الله عليه وسلم - أمره شامل عام لكل مؤمن شهده أو غاب عنه، في حياته وبعد موته، وهذا ليس لأحد من اهل الأئمة ولا يستفاد هذا بالإمامة.
حتى أنه - صلى الله عليه وسلم - إذا أمر ناسا معينين بأمور وحكم في أعيان معينة بأحكام لم يكن حكمه وأمره مختصا بتلك المعينات، بل كان ثابتا في نظائرها وأمثالها
إلى يوم القيامة، فقوله - صلى الله عليه وسلم - لمن
صفحة ٣٤