فإذا كان من يتخذ الملائكة والنبيين أربابا بهذه الحال، فكيف بمن يتخذ إماما معدوما لا وجود له؟ وقد قال تعالى: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم ومآ أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون} (1) وقد ثبت في الترمذي وغيره من حديث عدي بن حاتم أنه قال: ((يا رسول الله ما عبدوهم. فقال: إنهم أحلوا لهم
الحرام وحرموا عليهم الحلال فأطاعوهم، فكانت تلك عبادتهم إياهم)) (2) فهؤلاء اتخذوا أناسا موجودين، أربابا.
وهؤلاء يجعلون الحرام والحلال معلقا بالإمام المعدوم، الذي لا حقيقة له، ثم يعملون بكل ما يقول المثبتون إنه يحلله ويحرمه، وإن خالف الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة، حتى إن طائفتهم إذا اختلفت على قولين فالقول الذي لا يعرفه قائله هو الحق، لأنه قول هذا الإمام المعصوم، فيجعلون الحلال ما حلله والحرام ما حرمه هذا الذي لا يوجد. وعند من يقول إنه موجود لا يعرفه أحد، ولا يمكن أحدا أن ينقل عنه كلمة واحدة.
ومن حماقاتهم تمثيلهم لمن يبغضونه مثل اتخاذهم نعجة وقد تكون نعجة حمراء، لكون عائشة تسمى الحميرا يجعلونها عائشة ويعذبونها بنتف شعرها، وغير ذلك، ويرون أن ذلك عقوبة لعائشة ومثل اتخاذهم حلسا مملوءا سمنا يشقون بطنه فيخرج السمن فيشربونه، ويقولون هذا مثل ضرب عمر وشرب دمه.
ومثل تسمية بعضهم لحمارين من حمر الرحا أحدهما بأبي بكر، والآخر بعمر ثم عقوبة الحمارين جعلا منهم تلك العقوبة عقوبة لأبي بكر وعمر، وتارة يكتبون أسماءهم على أسفل أرجلهم حتى أن بعض الولاة جعل يضرب رجلي من فعل ذلك ويقول إنما ضربت أبا بكر وعمر، ولا أزال أضربهما حتى أعدمهما.
ومنهم من يسمي كلابه باسم أبي بكر وعمر، ويلعنهما ومنهم من إذا سمى كلبه فقيل له بكير يضارب من يفعل ذلك، ويقول تسمى كلبي باسم أصحاب النار.
ومنهم من يعظم أبا لؤلؤة المجوسي الكافر الذي كان غلاما للمغيرة بن شعبة، لما قتل
صفحة ٢٤