159

مختصر منهاج السنة النبوية

الناشر

دار الصديق للنشر والتوزيع، صنعاء - الجمهورية اليمنية

الإصدار

الثانية، 1426 هـ - 2005 م

يكون أجهل من هؤلاء؟!

وأما الطريق الثاني في الجواب فنقول: الذي عليه أئمة الإسلام إن كان مشروعا لم يترك لمجرد فعل أهل البدع: لا الرافضة ولا غيرهم. وأصول الأئمة كلهم توافق هذا، منها مسألة التسطيح الذي ذكرها، فإن

مذهب أبي حنيفة وأحمد أن تسنيم القبور أفضل، كما ثبت في الصحيح أن قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - كان مسنما، ولأن ذلك أبعد عن مشابهة أبنية الدنيا، وأمنع عن القعود على القبور. والشافعي يستحب التسطيح لما روى من الأمر بتسوية القبور، فرأى أن التسوية هي التسطيح. ثم إن بعض أصحابه قال: إن هذا شعار الرافضة فيكره ذلك، فخالفه جمهور الأصحاب وقالوا: بل هو المستحب وإن فعلته الرافضة.

وكذلك الجهر بالبسملة هو مذهب الرافضة، وبعض الناس تكلم في الشافعي بسببها، وبسبب القنوت، ونسبه إلى قول الرافضة والقدرية، لأن المعروف في العراق إن الجهر كان من شعار الرافضة، وأن القنوت في الفجر كان من شعار القدرية الرافضة، حتى أن سفيان الثوري وغيره من الأئمة يذكرون في عقائدهم ترك الجهر بالبسملة، لأنه كان عندهم من شعار الرافضة، كما يذكرون المسح على الخفين لأن تركه كان من شعار الرافضة، ومع هذا فالشافعي لما رأى أن هذا هو السنة كان ذلك مذهبه وإن وافق قول الرافضة.

وكذلك إحرام أهل العراق من العقيق يستحب عنده، وإن كان ذلك مذهب الرافضة، ونظائر هذا كثيرة.

(فصل)

</span>

قال الرافضي: ((مع أنهم ابتدعوا أشياء، واعترفوا بأنها بدعة، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة فإن مصيرها النار)) . وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((من أدخل في ديننا ما ليس منه فهو رد)) ، ولو ردوا عنها كرهته نفوسهم ونفرت قلوبهم، كذكر الخلفاء في خطبهم، مع أنه بالإجماع لم يكن في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا في زمن أحد من الصحابة والتابعين، ولا في زمن بني أمية، ولا في صدور ولاية العباسيين، بل شيء أحدثه المنصور لما وقع بينه وبين العلوية خلاف، فقال: والله لأرغمن أنفي وأنوفهم وأرفع عليهم بني تيم وعدي، وذكر الصحابة

صفحة ١٦٤