مختصر منهاج القاصدين
محقق
شعيب الأرنؤوط وعبد القادر الأرنؤوط
الناشر
مكتبة دار البيان
سنة النشر
١٣٩٨ هجري
مكان النشر
دمشق
تصانيف
التصوف
وتعالى، وكل هذه الأسباب مكروهة في أنفسها، مخوفة.
فأعلاها رتبة خوف الحجاب عن الله تعالى، وهو خوف العارفين، وما قبل ذلك خوف الزاهدين والعابدين.
٦ - فصل في فضيلة الخوف والرجاء وما ينبغي أن يكون الغالب منهما
فضيلة كل شىء بقدر إعانته على طلب السعادة، وهى لقاء الله تعالى، والقرب منه، فكل ما أعان على ذلك فهو فضيلة. قال الله تعالى: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ﴾ [الرحمن: ٤٦]. وقال تعالى: ﴿رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ﴾ [البينة: ٨].
وفى الحديث عن النبي ﵌ أنه قال: "إذا اقشعر جلد العبد من مخافة الله ﷿ تحاتت عنه ذنوبه، كما يتحات عن الشجرة اليابسة ورقها" (١).
وفى حديث آخر: "لن يغضب الله على من كان فيه مخافة" (٢)
وقال النبي ﵌: قال الله ﷿: "وعزتي وجلالى، لا أجمع على عبدى خوفين، ولا أجمع له أمنين، إن أمنني في الدنيا، أخفته يوم القيامة، وإن خافني في الدنيا، أمنته يوم القيامة" (٣).
وعن ابن عباس رضى الله عنه عن النبي ﵌ أنه قال: "عينان لا تمسهما النار أبدًا: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله".
واعلم: أن قول القائل: أيما أفضل الخوف، أو الرجاء؟ كقوله: أيما أفضل الخبز أو الماء؟
وجوابه: أن يقال الخبز للجائع أفضل، والماء للعطشان أفضل، فإن اجتمعا، نظر إلى الأغلب، فإن استويا، فهما متساويان، والخوف والرجاء دواء أن يداوى بهما القلوب، ففضلهما بحسب الداء الموجود، فإن كان الغالب على القلب الأمن من مكر الله، فالخوف أفضل، وكذلك إن كان الغالب على العبد المعصية، وإن كان الغالب
(١) رواه الطبراني والبيهقي من حديث العباس ﵁ بسند ضعيف كما قال الحافظ العراقي.
(٢) لم نجده.
(٣) أخرجه ابن حبان (٢٤٩٤) من حديث أبي هريرة، وسنده حسن.
1 / 305