296

مختصر معارج القبول

الناشر

مكتبة الكوثر

رقم الإصدار

الخامسة

سنة النشر

١٤١٨ هـ

مكان النشر

الرياض

تصانيف

وَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ وَلَمْ يُكَفِّرْهُمْ بَلْ بَقُوا أَنْصَارَهُ ووزراءه في الدين (١) وقال تعالى: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله﴾ (٢) فسمى كُلًّا مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ الْمُقْتَتِلَتَيْنِ مُؤْمِنَةً وَأَمَرَ بِالْإِصْلَاحِ بَيْنَهُمَا وَلَوْ بِقِتَالِ الْبَاغِيَةِ ثُمَّ قَالَ: ﴿فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يحب المقسطين﴾ (٣) ثُمَّ لَمْ يَنْفِ عَنْهُمُ الْأُخُوَّةَ - أُخُوَّةَ الْإِيمَانِ - لهم مطلقًا فقال تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا الله لعلكم ترحمون﴾ (٤)
وَكَذَلِكَ فِي آيَةِ الْقِصَاصِ أَثْبَتَ الْإِيمَانَ لِلْقَاتِلِ وَالْمَقْتُولِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَأَثْبَتَ لَهُمْ أُخُوَّةُ الْإِيمَانِ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ﴾ (٥) وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ تَسْمِيَةِ الْعَمَلِ فِسْقًا أَوْ عامله فاسقًا وبين تسميته مسلمًا، وَذَلِكَ لِأَنَّ كُلًّا مِنَ الْكُفْرِ وَالظُّلْمِ وَالْفُسُوقِ وَالنِّفَاقِ جَاءَتْ فِي النُّصُوصِ عَلَى قِسْمَيْنِ: أَكْبَرُ يُخْرِجُ مِنَ الْمِلَّةِ لِمُنَافَاتِهِ أَصْلُ الدِّينِ بِالْكُلِّيَّةِ، وأصغر ينقص الإيمان وينافي كماله وَلَا يَخْرُجُ صَاحِبُهُ مِنْهُ، فَكُفْرٌ دُونَ كُفْرٍ، وَظُلْمٌ دُونَ ظُلْمٍ، وَفُسُوقٌ دُونَ فُسُوقٍ، وَنِفَاقٌ دون نفاق.

(١) ومن ذلك حادثة سب خالد بن الوليد لعبد الرحمن بن عوف. والحديث في الصحيح انظر ص٤٠٢.
(٢) الحجرات: ٩.
(٣) الحجرات: ٩.
(٤) الحجرات: ١٠..
(٥) البقرة: ١٧٨.

1 / 324