276

مختصر معارج القبول

الناشر

مكتبة الكوثر

رقم الإصدار

الخامسة

سنة النشر

١٤١٨ هـ

مكان النشر

الرياض

تصانيف

لِضَعْفِ يَقِينِهِ، وَقَدْ يُقَالُ هُوَ شَهِيدٌ فِي الصُّورَةِ وَلَيْسَ مِثْلَ الْمُتَّصِفِ بِتِلْكَ الصِّفَاتِ كَمَا أَنَّ شُهَدَاءَ الْمَعْرَكَةِ الَّذِينَ يُقْتَلُونَ فِي مَعْرَكَةِ الكفار ليسوا سواء، بل يتفاوتون في نِيَّاتِهِمْ وَمَا فِي قُلُوبِهِمْ وَذَلِكَ مَعْلُومٌ مِنَ الدين بالضرورة.
جـ-الكلام على الطيرة والغول:
-الطيرة هي تَرْكُ الْإِنْسَانِ حَاجَتَهُ وَاعْتِقَادُهُ عَدَمَ نَجَاحِهَا تَشَاؤُمًا بسماع بعض الكلمات القبيحة مثل: يا هَالِكُ، أَوْ يَا مَمْحُوقُ، وَنَحْوَهَا، وَكَذَا التَّشَاؤُمُ بِبَعْضِ الطُّيُورِ كَالْبُومَةِ وَمَا شَاكَلَهَا إِذَا صَاحَتْ، وَكَذَا التَّشَاؤُمُ بِمُلَاقَاةِ الْأَعْوَرِ أَوِ الْأَعْرَجِ أَوِ الْمَهْزُولِ أَوِ الشَّيْخِ الْهَرِمِ أَوِ الْعَجُوزِ الشَّمْطَاءِ: وكثير من الناس إذا لقى بعض هؤلاء وهو ذاهب لحاجته صَدَّهُ ذَلِكَ عَنْهَا وَرَجِعَ مُعْتَقِدًا عَدَمَ نَجَاحِهَا، وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْعِ لَا يَبِيعُ مِمَّنْ هذه صفته إذا جاء أَوَّلَ النَّهَارِ حَتَّى يَبِيعَ مِنْ غَيْرِهِ تَشَاؤُمًا بِهِ وَكَرَاهَةً لَهُ. وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَا يَنَالُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ خَيْرًا قَطُّ، وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يَتَشَاءَمُ بِمَا يَعْرِضُ لَهُ نَفْسَهُ فِي حَالِ خُرُوجُهُ كَمَا إِذَا عُثِرَ أَوْ شِيكَ يَرَى أَنَّهُ لَا يَجِدُ خَيْرًا. وَمِنْ ذَلِكَ التَّشَاؤُمِ بِبَعْضِ الْأَيَّامِ أَوْ بِبَعْضِ الساعات، وَكَذَا التَّشَاؤُمُ بِبَعْضِ الْجِهَاتِ فِي بَعْضِ السَّاعَاتِ، وَمِنْ ذَلِكَ التَّشَاؤُمُ بِوُقُوعِ بَعْضِ الطُّيُورِ عَلَى الْبُيُوتِ يَرَوْنَ أَنَّهَا مُعْلِمَةٌ بِشْرٍّ، وَكَذَا صَوْتُ الثعلب عندهم.
-قال تعالى: ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يعلمون﴾ (١) . قال مجاهد في قوله تعالى: ﴿يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى﴾ قَالَ: يَتَشَاءَمُوا بِهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄: (ألا إنما طائرهم عند الله) قال: الأمر من قبل الله، وقال تعالى: ﴿قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عند الله بل أنتم قوم تفتنون﴾ (٢) .

(١) الأعراف: ١٣١.
(٢) النمل: ٤٧.

1 / 299