المختصر الكبير في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم
محقق
سامي مكي العاني
الناشر
دار البشير
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٩٩٣م
مكان النشر
عمان
[ﷺ] حَتَّى غصَّ الْمَسْجِد بأَهْله، والنبيّ [ﷺ] يَقُول: أَوسعوا لِمن وراءَكم. ثمَّ قَامَ فخطبهم خطْبَة بليغةً طَوِيلَة، ذرفت مِنْهَا الْعُيُون، ووجلت مِنْهَا الْقُلُوب. ثمَّ اسْتَأْذن نِسَاءَهُ فِي أنْ يُمرَّضَ فِي بَيت عَائِشَة، فأَذِنَّ لَهُ فِي ذَلِك، فَدخل على عَائِشَة، وَهِي تَقول: وارأساه. فَقَالَ: " لَو كَانَ ذَلِك وَأَنا حيٌّ فأستغفر لَك وأدعو لكِ، وأُكفّنكِ وأَدفنكِ ". فَقَالَت واثَكَلاه. وَالله إنّكَ لَتحبّ موتِي، وَلَو كَانَ ذَلِك لظَللْتَ يومَك مُعرِّسًا بِبَعْض نِسَائِك. فَقَالَ النبيُّ [ﷺ]: " بل أَنا وارأساه، لقد هممتُ أَو أردْت أنْ أُرسِل إِلَى أبيكِ وَإِلَى أخيكِ فأمضي أَمْرِي وأعهَدُ عهدي، فَلَا يطْمع فِي الْأَمر طامعٌ، وَلَا يَقُول الْقَائِلُونَ أَوْ يَتَمنَّى المتمنّون ".
ثمّ قَالَ: " كَلَّا يَأْبَى الله، وَيدْفَع الْمُؤْمِنُونَ إلاّ أَبَا بكر " وصلّى النبيُّ [ﷺ] وَرَاء أبي بكر فِي الصَّفَّ صَلَاة تامَّةً، قَالَه ابْن حزم. وصلّى أَبُو بكر بِالنَّاسِ تِلْكَ الأيامَ، بِعَهْد رَسُول الله [ﷺ] إِلَيْهِ فِي ذَلِك، وخرجَ [ﷺ] فِي بعض تِلْكَ الْأَيَّام وَهُوَ مُتوكِّئٌ على عليٍّ والعبَّاس، وَقد أَخذ أَبُو بكر فِي الصَّلَاة بِالنَّاسِ / ٤٢ و.، فَقعدَ [ﷺ] عَن يَسار أبي بكرٍ، وَأَبُو بكرٍ فِي مَوضِع الإِمام، وَصَارَ أَبُو بكر وَاقِفًا عَن يَمينه [ﷺ] فِي مَوضِع الْمَأْمُوم يُسمِعُ الناسَ تكبيرَ رسولِ الله [ﷺ] فصلَّى النبيُّ [ﷺ] بِالنَّاسِ، يَؤُمُّهم قَاعِدا وهُمْ خَلْفَه قيامٌ، وَهِي آخر صلاةٍ صلّاها رَسُول الله [ﷺ] بِالنَّاسِ.
واشتدّ بِهِ وجَعُهُ، وَقَالَ: " إِنِّي أوعَكُ كَمَا يوعَكُ رجلَانِ مِنْكُم " وَذَلِكَ
1 / 143