وذكر في هذا الكتاب أنه يعتقد أن متى كتب إنجيله باللغة العبرانية؛ لأن القدماء الذين أشاروا إلى هذا الأمر قولهم واحد بالاتفاق، ولم يقل أحد من القدماء بخلافهم، فهذه الشهادة مقبولة، ولا يوجد عليها اعتراض يحتاج إلى تحقيق، بل شهد القدماء على أن النسخة العبرانية لهذا الإنجيل كانت موجودة عند النصارى الذين كانوا من قوم اليهود، وهذه النسخة العبرانية كانت موجودة ومستعملة إلى عهد جيروم، فهذا الموجود الآن من إنجيل متى هو ترجمة لم يعرف اسم مترجمها ولا بقية أحواله على وجه التحقيق، ويقوي قول القدماء أن متى كان من الحواريين، ورأى أكثر أحوال المسيح ﵇ بعينيه، وسمع أكثرها بأذنيه، فلو كان هو مؤلف هذا الإنجيل، لظهر من كلامه ولو في موضع واحد من المواضع أنه يكتب الأحوال التي رآها، ولعبر عن نفسه بصيغة المتكلم كما جرت به العادة سلفا وخلفا، فهذا الإنجيل المنسوب إلى متى ليس من تصنيفه قطعا.
وقال فاستس كبير علماء فرقة ماني كيز وبروفسر الجرمني: هذا الإنجيل كله كاذب، والبابان الأولان منه إلحاقيان مردودان عند الفرقة المارسيونية والفرقة الأبيونية وفرقة تيرين وعند القسيس وليمس.
والمحقق نورتن أنكر هذين البابين ومواضع كثيرة في هذا الإنجيل.
وقد صرح جيروم أن بعض العلماء المتقدمين كانوا يشكون في الإصحاح السادس عشر الذي هو آخر إصحاحات إنجيل مرقس، ويشكون في الإصحاح الأول والثاني وبعض الفقرات من الإصحاح الثاني والعشرين من إنجيل لوقا، والإصحاحان الأول والثاني لم يكونا في نسخة فرقة مارسيوني.
1 / 27