وأيضا فقد نرى مزاج البدن يشتاق إلى شيء ويتلهف على الحصول عليه والنفس تمنعه عن الحصول على مرامه،
4
فنعلم أن المشتاق غير المانع، فإذن النفس ليست مزاجا.
الفصل الخامس
في تباين النفوس الإنسانية
قال أرسطوطاليس وجماعة من أهل العلم: «إن نفوس البشر بأسرها طبع واحد وليس بينها اختلاف إلا بالأعراض واللذات وكيفيات الأمزجة [9] وترجيح الفضائل والرذائل وغلبة الأخلاط بعضها بعضا»، وهذا الرأي أصوب الآراء
1
بأسرها لأنه موافق لعلم الطبيعة وعلم الشريعة. وقال آخرون: «إن سائر النفوس الحيوانية والبشرية واحدة بالطبع لكن الاختلاف حصل بينها بالأبدان فقط.» يعني أن نفس الفرس لو حلت في بدن الإنسان لكانت ناطقة وبالعكس، وهذا المذهب باطل ومحال لأن نفس الإنسان مغايرة لنفس الحيوان على ما يأتي بيانه فيما بعد.
2
وقال آخرون: «إن نفوس البشر هي مثل الجنس وتحتها أنواع كثيرة مغايرة بعضها لبعض بالطباع، وكل نوع منها قد صدر عن نوع من أنواع العقول المجردة ويشبه النوع الذي صدر عنه؛ ولذلك فإن النفوس التي صدرت عن نوع معلوم بينها محبة صادقة وما ليس فليس؛ ولذلك قد نرى غرباء متحابين وأقارب متباغضين.»
صفحة غير معروفة