وسميت البلاد به، لامتداد عمره وطول مدة ملكه، ثم ملك بعده ابنه قفط بن مصر، ثم ملك بعده أخوه أتريب بن مصر، وأتريب المذكور هو الذي بنى مدينة عين شمس وبها الآثار العظيمة، إِلى الآن، ثم ملك بعده أخوه صا وبه سميت مدينة صا وهي مدينة خراب على النيل من أسفله، ثم ملك بعده تذراس، ثم ملك بعده ماْليق بن تذراس ثم ملك بعده ابنه حرابا بن ماليق. ثم ملك بعده كلكلى بن حرابا، وكان ذا حكمه، وهو أول من جمّد الزئبق، وسبك الزجاج. ثم ملك بعده حريبا بن ماليق وكان شديد الكفر. ثم ملك بعده طوليس وهو فرعون إِبراهيم ﵇. وهو الذي وهب سارة هاجر، وكان مسكن طوليس بالفرما ثم ملك بعده أخته جورياق. ثم ملك بعدها زلفا بنت مامون، وكانت عاجزة عن ضبط المملكة، وسمعت عمالقة الشام بضعفها فغزوها وملكوا مصر. وصارت الدولة للعمالقة وكان الذي أخذ الملك منها الوليد بن دومغ العملاقي، وكان يعبد البقر، فقتله أسد في بعض متصيداته، وقيل هو أول من تسمى بفرعون، وصار ذلك لقبًا لكل من ملك مصر بعده.
ثم ملك بعده ابنه الريان بن الوليد وهو فرعون يوسف، ونزل مدينة عين شمس. ثم ملك بعده ابنه دارم بن الريان، وفي زمانه توفي يوسف الصديق ﵇، وتجبر دارم المذكور واشتد كفره، وركب في النيل فبعث الله تعالى عليه ريحًا عاصفة أغرقته بالقرب من حلوان. ثم ملك بعده كاسم بن معدان العمليقي أيضًا، وقصد أن يهدم الهرمين، فقال له حكماء مصر إِن خراج مصر لا يفي بهدمهما، وأيضًا فإنهما قبران لنبيين عظيمين، وهما شيث بن آدم، وهرمس، فأمسك عن هدمهما.
ثم ملك بعده الوليد بن مصعب، وهو فرعون موسى ﵇. وقد اختلف فيه فقيل إِنه من العمالقة، وهو الأظهر وقيل إِنه هو فرعون يوسف. وأطال الله تعالى عمره إِلى أيام موسى ﵇، قال ابن سعيد، وذكر القرطبي في تاريخ مصر أنّ الوليد المذكور كان من القبط، وكان في أول أمره صاحب شرطة لكاسم العملاقي، وكانت الأقباط قد كثرت، فملكوا الوليد المذكور بعد كاسم وانقرضت من حينئذ دولة العمالقة من مصر، قال: والوليد المذكور هو الذي ادّعى الربوبية. قال: وصنف الناس في سيرته وخلدوا ذكرها، وكانت أرض مصر على أيامه في نهاية من العمارة، فعظمت دولته وكثرت عساكره، وفي مناجاة موسى ﵇، يا رب لم أطلت عمر عدوك فرعون يعني الوليد المذكور مع ادعائه ما انفردتَ به من الربوبية، وجحد نعمتك، فقال الله تعالى: أمهلته لأن فيه خصلتين من خصال الإيمان، الجود والحياء، وكان هامان وزير فرعون المذكور، وهو الذي حفر لفرعون خليج السردوسي، ولما أخذ هامان في حفره سأله أهل كل قرية أن يجريه إِليهم، ويعطوه على ذلك مالًا، وكان يأتي به إِلى القرية نحو المشرق، ثم يرده إِلى القرية من نحو المغرب، وكذلك في
1 / 57