حقودًا ظالمًا، فنفر منه قلوب الخاصة والعامة.
وفي زمان دارا المذكور، تملك الإسكندر المشهور ابن فيلبس، فعرف توحش خواطر أصحاب دارا منه، فقصده بجيشه فلحق بالإسكندر المذكور، لما دنا من دارا كثير من أصحاب دارا وأطلعوه على عور دارا وقووه عليه، وطال بينهما القتال إِلى أن وثب جماعة من أصحاب دارا عليه فقتلوه، وأتوا إِلى الإسكندر فقتلهم عن آخرهم، وصار ملك دارا إِلى الإسكندر.
الإسكندر بن فيلبس
كان أبوه أحد ملوك اليونان، وكانوا طوائف، فلما مَلك الإسكندر غزاهم واجتمع له ملكهم، ثم غزا دارا ملك الفرس وقتله، ثم غزا الهند، وتناول أطراف الصين، ثم انصرف الإسكندر يريد الإسكندرية.
وهو الذي بناها، فهلك في ناحية السواد وقيل بشهرزور وكان عصره ستًا وثلاثين سنة، فحمل في تابوت ذهب إِلى أمه، وكان ملكه نحو ثلاث عشرة سنة.
واجتمع بعد ذلك ملك الروم وكان متفرقًا، وافترق مُلْكُ فارس وكان مجتمعًا، وكان مرض الإسكندر الذي مات به الخوانيق، وقيل اغتيل بالسم. وهذا الإسكندر هو صاحب أرسطاطاليس وتلميذه وأرسطو الذي أشار عليه بعدم قتل الفرس، وأن يولي أكابرهم، ومن يصلح للملك كل واحد برأسه مملكة، ليحصل بينهم التباغض والتشاحن ولا يجتمعوا على أحد، فقبل الإسكندر ذلك منه، وولاهم فصار منهم ملوك الطوائف.
وكان الإسكندر أشقر أزرق وكان اليونان قبله طوائفَ، فأول ما تملك غزاهم، وقتل ملوكهم، واجتمع له جميع مملكة اليونان والروم حسبما ذكرناه، ولما اجتمعت له مملكة المغرب بنى الإسكندرية، وسار يريد الشرق، وقتال دارا، ومر الإسكندر في طريقه على بيت المقدس، وأكرم بني إِسرائيل، ثم سار إِلى بلاد فارس واستولى على مُلك الفرس، وقتل دارا، وكان منه ما ذكر وقد قيل عنه إِنه انصرف من المشرق إِلى جهة الَشمال، وبنى السد على يأجوج ومأجوج، والصحيح أن الإسكندر المذكور لم يكن منه ذلك؛ بل ذو القرنين الذي ذكره الله في القرآن، وهو ملك قديم كان على زمن إِبراهيم الخليل ﵇. قيل إِنه أفريذون، وقيل غيره، وقد غلط من ظن أن باني السد هو الإسكندر الرومي وكذلك قد استفاض على السنة الناس، أن لقب الإسكندر المذكور ذو القرنين وهو أيضًا غلط، فإِن لفظة ذو لفظة عربية محض، وذو القرنين من ألقاب العرب ملوك اليمن، وكان منهم ذو جدن، وذو كلاع، وذو نواس، وذو شناتر، وذو القرنين، الصعب بن الرايش، واسم الرايش الحارث بن ذي سدد بن عاد بن الماطاط بن سبأ.
وقد قيل إِن ذا القرنين الصعب المذكور هو الذي مكّن الله له في الأرض وعظم ملكه، وبنى السدّ على يأجوج ومأجوج.
ومما نقله ابن سعيد المغربي أن ابن عباس ﵄ سئل عن ذي القرنين الذي ذكره الله في كتابه العزيز فقال: هو مِنْ
1 / 45