وفي السنة الثالثة والعشرين من ولاية عالي المذكور ولد داود النبي ﵇. فيكون وفاة عالي المذكور في أواخر سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة لوفاة موسى - عالي بعين مهملة على وزن فاعل -.
شمويل النبي
ثم دبر بني إسرائيل، شمويل النبي، وكان قد تنبأ لما صار له من العمر أربعون سنة، وذلك عند وفاة عالي، فدبر شمويل بني إسرائيل إحدى عشرة سنة، ومنتهى هذه الإحدى عشرة هي آخر سني حكام بني إسرائيل وقضاتهم، فإن جميع من ذكر من حكام بني إسرائيل، كانوا بمنزلة القضاة، وسدوا مسد ملوكهم.
طالوت بن قيش
وبعد الإحدى عشرة سنة التي دبرهم شمويل المذكور قام لبني إسرائيل ملوك على ما سنذكره إن شاء الله تعالى، فيكون انقضاء سني حكامهم في سنة ثلاث وتسعين وأربع مائة لوفاة موسى، ثم حضر بنو إسرائيل إلى شمويل، وسألوه أن يقيم فيهم ملكًا، فأقام فيهم شاول، وهو طالوت بن قيش من سبط بنيامين، ولم يكن طالوت من أعيانهم، قيل: إنه كان راعيًا، وقيل: سقاء، وقيل: دباغًا، ملك طالوت سنتين، واقتتل هو وجالوت.
وكان جالوت من جبابرة الكنعانيين، وكان ملكه بجهات فلسطين، وكان من الشدة، وطول القامة، بمكان عظيم.
فلما برز للقتال لم يقدر على مبارزته أحد، فذكر شمويل علامة الشخص الذي يقتل جالوت، فاعتبر طالوت جميع عسكره، فلم يكن فيهم من يوافقه تلك العلامة.
وكان
داود
﵇ أصغر بني أبيه، وكان يرعى غنم أبيه وأخوته، فطلبه طالوت، واعتبره شمويل بالعلامة، وهي دهن كان يستدير على رأس من يكون فيه السر وأحضر أيضًا تنور حديد، وقال: الشخص الذي يقتل جالوت يكون ملء هذا التنور؛ فلما اعتبر داود ملء التنور، واستدار الدهن على رأسه؛ ولما تحقق ذلك العلامة، أمره طالوت بمبارزة جالوت، فبارزه، وقتل داود جالوت، وكان عمر داود إذ ذاك ثلاثين سنة.
ثم بعد ذلك مات شمويل، فدفنته بني إسرائيل في الليل، وناحوا عليه، وكان عمره اثنتين وخمسين سنة، وأحب الناس داود، ومالوا إليه، فحسده طالوت، وقصد قتله مرة بعد أخرى، فهرب داود منه، وبقي متحررًا على نفسه، وفي آخر الحال، إن طالوت ندم على ما كان منه من قصد قتل داود، وغير ذلك مما وقع منه، وقصد أن يكفر لله تعالى عنه ذنوبه، بموته في الغزاة، فقصد الفلسطينيين وقاتلهم، حتى قتل هو وأولاده في الغزاة، فيكون موت طالوت في أواخر سنة خمس وتسعين وأربعمائة لوفاة موسى.
ولما قتل طالوت افترقت الأسباط، فملك على أحد عشر سبطًا إيش بوشت بن طالوت، واستمر إيش بوشت ملكًا على الأسباط المذكورين في ثلاث سنين، وانفرد عن إيش بوشت سبط يهوذا فقط، وعلك عليهم داود بن بيشار ابن عوفيد بن بوعز بن سلمون بن نحشون بن عمينوذب بن رم بن حصرون بن بارص يهوذا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل ﵇، وحزن داود على طالوت، ولعن موضع مصرعه.
وكان مقام داود بحبرون، فلما استوثق له الملك، ودخلت جميع الأسباط تحت طاعته، وذلك في سنة ثمان وثلاثين من عمر داود، انتقل إلى القدس.
ثم إن داود فتح في الشام فتوحات كثيرة من أرض فلسطين، وبلد عمان، ومؤاب وحلب ونصيبين وبلاد الأرمن
1 / 24