تعالى عافى أيوب ورزقه، ورد إلى امرأته شبابها وحسنها، وولدت لأيوب ستة وعشرين ذكرًا، ولما عوفي أيوب أمره الله تعالى أن يأخذ عرجونًا من التخل، فيه مائة شمراخ، فيضرب به زوجته ليبر في يمينه، ففعل ذلك. وكان أيوب نبيًا في عهد يعقوب في قول بعضهم، وذكر أن أيوب عاش ثلاثًا وتسعين سنة، ومن ولد أيوب ابنه بشر، وبعث الله تعالى بشرًا بعد أيوب وسماه ذا الكفل، وكان مقامه بالشام.
ذكر يوسف
وولد يعقوب يوسف لما كان ليعقوب من العمر إحدى وتسعون سنة، ولما صار ليوسف من العمر ثماني عشرة سنة كان فراقه ليعقوب، وبقيا مفترقين إحدى وعشرين سنة، ثم اجتمع يعقوب بيوسف في مصر، وليعقوب من العمر مائة وثلاثون سنة، وبقيا مجتمعين سبع عشرة سنة فكان عمر يوسف لما توفي يعقوب ستًا وخمسين سنة وعاش يوسف مائة وعشر سنين، فيكون مولد يوسف لمضي مائتين وإحدى وخمسين سنة من مولد إبراهيم، ويكون وفاته لمضي ثلاثمائة وإحدى وستين سنة من مولد إبراهيم، ويكون وفاة يوسف قبل مولد موسى بأربع وستين سنة محققًا.
وأما قصة فراقه من أبيه فإنه لما كان يوسف من الحسن ومن حب أبيه على ما اشتهر، حسدته أخوته وألقوه في الجب، وكان في الجب ماء وبه صخرة، فأوى إليها وأقام يوسف في الجب ثلاثة أيام، ومرت به السيارة، فأخرجته من الجب، وأخذوه معهم، وجاء يهوذا - أحد أخوته - إلى الجب بطعام ليوسف فلم يجده، ورآه عند تلك السيارة وأخبر يهوذا أخوته بذلك، فأتوا إلى السيارة وقالوا هذا عبدنا أبق منا.
وخافهم يوسف، فلم يذكر حاله، فاشتروه من أخوته بثمن بخس، قيل عشرون درهمًا، وقيل أربعون، وذهبوا به إلى مصر فباعه أستاذه، فاشتراه الذي على خزائن مصر، واسمه العزيز. وكان فرعون مصر حينئذ الريان بن الوليد رجلًا من العماليق، والعماليق من ولد عملاق بن سام بن نوح حسبما تقدم ذكره.
ولما اشترى العزيز يوسف هوته امرأته، وكان اسمها راعيل، وراودته عن نفسها، فأبى وهرب منها، ولحقته من خلفه، وأمسكته بقميصه، فانقد قميصه، ووصل أمرهما إلى زوجها العزيز وابن عمها تبيان فظهر لهما براءة يوسف، وأن راعيل هي التي راودته، ثم بعد ذلك ما زالت تشكو إلى زوجها من يوسف، وتقول: إنه يقول للناس: إنني راودته عن نفسه، وقد فضحني بين الناس، فحبسه زوجها، ودام في السجن سبع سنين، ثم أخرجه فرعون مصر بسبب تعبير الرؤيا التي أريها، ثم لما مات العزيز الذي كان اشترى يوسف، جعل فرعون يوسف موضعه على خزائنه كلها، وجعل القضاء إليه، وحكمه نافذًا، ودعا يوسف الريان فرعون مصر المذكور إلى الإيمان، فآمن به، وبقي كذلك إلى أن مات الريان المذكور، وملك بعده مصر قابوس بن مصعب من العمالقة أيضًا، ولم يؤمن، وتوفي يوسف ﵇ في ملكه
1 / 17