151

مختصر العلو للعلي الغفار

محقق

محمد ناصر الدين الألباني

الناشر

المكتب الإسلامي

رقم الإصدار

الطبعة الثانية ١٤١٢هـ

سنة النشر

١٩٩١م.

تصانيف

الثلجي حدثنا محمد بن سماعة عن أبي يوسف به.
ولكنه إسناد هالك، الثلجي هذا متروك كما في "التقريب"، فالعمدة على الأسانيد المتقدمة.
وأما ما روى الخطيب "١٣/ ٣٧٩" من طريق سعيد بن مسلم الباهلي قال: قلنا لأبي يوسف: لما لم تحدثنا عن أبي حنيفة؟ قال: ما تصنعون به؟ مات يوم مات يقول: القرآن مخلوق.
قلت: ففي ثبوته عن أبي يوسف نظر، لأن الباهلي هذا، لا يعرف بالرواية، ولذلك أغفلوه، ولم يترجموه في كتب الرجال، حتى ابن أبي حاتم لم يذكره في "كتابه" مع سعته وإحاطته، ولعل السبب في ذلك ما أشار إليه الخطيب في آخر ترجمته "٩/ ٧٤":
"بصري الأصل، وكان قد سكن خراسان، وولاه السلطان بعض الأعمال بمرو، وقدم بغداد وحدث بها، فروى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادِ بْنِ الأعرابي، صاحب اللغة. وكان عالما بالحديث والعربية، إلا أنه كان لا يبذل نفسه للناس".
لكن هناك في "التاريخ" روايات أخرى عدة أن أبا حنيفة كان يقول: القرآن مخلوق. إلا أنني دققت النظر في بعضها فوجدته لا يخلو من قادح، ولعل سائرها كذلك، لا سيما وقد روى الخطيب عن الإمام أحمد أنه قال: لم يصح عندنا أن أبا حنيفة كان يقول: القرآن مخلوق.
قلت: وهذا هو الظن بالإمام أبي حنيفة ﵀ وعلمه، فإن صح عنه خلافه، فلعل ذلك كان قبل أن يناظره أيو يوسف، كما في الرواية الثابتة عنه في الكتاب، فلما ناظره، ولأمر ما استمر في مناظرته ستة أشهر، اتفق معه أخيرا على أن القرآن غير مخلوق، وأن من قال: "القرآن مخلوق" فهو كافر.
وهذا في الواقع من الأدلة الكثيرة على فضل أبي حنيفة، فإنه لم تأخذه العزة، ولم يستكبر عن متابعة تلميذه أبي يوسف حين تبين له أن الحق معه، فرحمه الله تعالى ورضي عنه.
ولكن مما يؤسف له أشد الأسف، أن كثيرا من أتباعه، وبخاصة المتأخرين منهم، قد تأولوا كلامه هذا بما يعود إلى رده وذلك بحمله على الكلام النفسي، كما قد سبقت الإشارة إلى ذلك -فيما أظن، فهذا الشيخ الكوثري- حامل راية الخلف، والطعن في السلف- يعلق على مناظرة أبي يوسف لأبي حنيفة، فيقول بعد أن ذكر المذاهب في كلام الله تعالى، ونبذ أهل الحديث بالحشوية لقولهم بأن كلام الله تعالى بحرف وصوت وأنه لا عبرة بخلافهم!! قال:

1 / 156